بقلم: بيتر بيرجن محلل الأمن القومي في CNN، ونائب رئيس جامعة نيو أمريكا، وأستاذ الممارسة في جامعة ولاية أريزونا. وكتابه الجديد هو “ترامب وجنرالاته: كلفة الفوضى.”
– ماتيس: ترامب أول رئيس أمريكي لا يحاول توحيد الشعب ولا يتظاهر حتى بالمحاولة وبدلاً من ذلك يحاول تقسيمنا.
– الجنرال ستانلي ماكريستال: لقد اكتشفتُ أن ترامب يفتقد للأخلاق وغير أمين.
– مهندس الغارة على مخبأ بن لادن: أَحْرَجَنا أمام أطفالنا وأَذَلَّنا على الساحة العالمية والأسوأ من ذلك كله تقسيمه لنا.
– الأدميرال مايك مولن: أشعر بالاشمئزاز فأحداث الأسابيع القليلة الماضية جعلت من المستحيل عليَّ البقاء صامتاً
– ارتكب “إسبر” خطيئة كبرى عند قوله الحقيقة علنًا عن القائد العظيم لذا لا ينبغي أن لا نُفاجَأ إذا طُرِد من عالم ترامب.
لقد كُسِر السد؛ فقد أصدر وزير الدفاع الأمريكي السابق جيم ماتيس -الذي قام الرئيس دونالد ترامب بمقارنته بأحد أبطاله وهو الجنرال جورج باتون- يوم الأربعاء بيانًا ناقداً يقول فيه: “إن دونالد ترامب هو أول رئيس أمريكي في حياتي لا يحاول توحيد الشعب الأمريكي، ولا يتظاهر حتى بالمحاولة! وبدلاً من ذلك فهو يحاول أن يُقسِّمنا. إننا نشهد عواقب ثلاث سنوات من هذا الجهد المقصود “.
لقد جاء بيان ماتيس بعد أن هاجمت قوات الشرطة الأمريكية يوم الاثنين المتظاهرين السلميين خارج أسوار البيت الأبيض مستخدمة الرصاص المطاطي، والغاز المسيل، وذلك حتى يتمكن ترامب من التقاط صورة فوتوغرافية تذكارية له، بينما كان يحمل بيده الكتاب المقدس خارج كنيسة سانت جون بالقرب من البيت الأبيض.
إن هناك ثلاثة أسباب تجعل بيان ماتيس مهمًا جدًّا:-
أولاً: أن ماتيس كان قد أمضى نحو عامين في العمل من كثب مع ترامب، وذلك بصفته أول وزير دفاع له؛ وبالتالي فهو في وضع جيد يسمح له بتوجيه الانتقاد بأن الرئيس ترامب قد تعمد اتباع سياسة الانقسام خلال وجوده في منصبه.
حيث إن مثل هذه التهمة لم تصدر عن منتقد يجلس على كرسي بذراعين، ولكنها تأتي من قبل أحد كبار أعضاء حكومة ترامب الذين كانوا قد قضوا ساعات لا حصر لها في العمل معه، وبشكل مباشر.
ثانياً: أن ماتيس يحظى باحترام كبير لدى الجيش الأمريكي ودوائر الأمن القومي؛ وذلك لسجله العسكري الممتاز الذي يتضمن توليه قيادة أطول هجوم جوي في التاريخ من سفينة حربية أمريكية في البحر نحو منطقة الإنزال في أفغانستان، وذلك خلال الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة ضد طالبان في عام 2001.
وكذلك فإن ماتيس قاد قوات المارينز الأمريكية خلال دخولها إلى بغداد من أجل الإطاحة بصدام حسين في عام 2003، فضلًا عن أنه تولى أيضاً القيادة المركزية الأمريكية التي أشرفت على كل الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط خلال فترة إدارة أوباما.
ثالثًا: أن ماتيس كان طوال الفترة السابقة قد بذل قصارى جهده لعدم انتقاد ترامب. وقد كتب في سيرته الذاتية في عام 2019 تحت عنوان “Call Sign Chaos “، “أنا من الطراز القديم: حيث إنني لا أكتب عن الرؤساء الذين ما زالوا يجلسون في الحكم.”
وعندما كان في جولة للترويج لكتابه خلال مقابلات متعددة، فإن ماتيس لم يكن ليُستدرج لإظهار نظرته الحقيقية في ترامب.
ومن الواضح أن ماتيس يشعر حالياً بأن البلاد تتعرض للتهديد، وقد أوضح بطريقة صريحة لا لَبْس فيها أن ترامب يمثل تهديدًا للدستور. كما قال في بيان يوم الأربعاء: “عندما انضممت إلى الجيش قبل حوالي 50 عامًا، فإنني قد أقسمت اليمين لدعم الدستور، والدفاع عنه. وإنني لم أحلم أبداً بأن تصدر الأوامر للقوات التي تحلف نفس اليمين تحت أي ظرف من الظروف بالقيام بانتهاك الحقوق الدستورية لمواطنيها، ناهيك عن تقديم صورة تذكارية غريبة للقائد العام المنتخب.”
إن ترامب الذي يستمتع بالجوانب الاحتفالية بكونه القائد العام قد ظهرت لديه الآن كتلة ناشئة من كبار الجنرالات المتقاعدين التي بدأت تتشكل ضده.
وبالطبع، فإن ترامب سوف يقوم باستخدام حيله المعتادة لتشويه سمعتهم، ولكن يجب عليه أن يدرك أنه إذا بدأت هذه الكتلة في تنظيم نفسها لمعارضته بينما يسعى لإعادة انتخابه، فسيجد الرئيس صعوبة في وصف كبار الجنرالات هؤلاء بأنهم حفنة ضعيفة من أتباع “الدولة العميقة”؛ ذلك أن العديد منهم قد قاموا بأداء بطولي في حروب طويلة عقب أحداث 11 سبتمبر.
وكما هو متوقع، فقد قام ترامب بعد ساعات فقط من إعلان ماتيس عن بيانه بالرد عليه بتغريدات وصفت ماتيس بأنه “أكثر جنرال مبالغ فيه في العالم”، وقال أيضاً بأنه لم يعجبه أسلوب قيادته.
وينضم ماتيس إلى فرقة متنامية من كبار الضباط المتقاعدين العسكريين المناهضة ترامب، وتتضمن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية السابق الأدميرال مايك مولن الذي كتب في صحيفة “ذي أتلانتيك” يوم الثلاثاء: “لقد شعرت بالاشمئزاز بالأمس عند رؤيتي لأفراد الأمن وهم يقومون بإفساح الطريق بعنف عبر ساحة لافاييت، لإتاحة زيارة الرئيس خارج كنيسة القديس يوحنا. ولقد كنت متحفظًا حتى الآن في التحدث عن القضايا المحيطة بقيادة الرئيس ترامب، لكننا نقف الآن عند نقطة انعطاف، وإن أحداث الأسابيع القليلة الماضية جعلت من المستحيل عليَّ البقاء صامتاً.”
والجنرال المتقاعد جون ألين الحاصل على أربع نجوم، ويدير حالياً معهد بروكينغز في العاصمة واشنطن، قد كتب أيضاً في مجلة السياسة الخارجية مساء الاربعاء “بأنه وحتى للمراقب العادي، فقد كان يوم الاثنين فظيعاً بالنسبة للولايات المتحدة ولديمقراطيتها. وقد جاء خطاب الرئيس ليبرهن على سلطته الاعتباطية البائسة، لكنه فشل في إبراز أي من مشاعر القيادة السامية التي تبدو الحاجة ملحة إليها خلال هذه اللحظة العصيبة”.
لقد أضحى ترامب يقف الآن على الطرف المتلقي للانتقادات الحادة المتعددة من قبل العديد من كبار الجنرالات الأمريكيين والأدميرالات المتقاعدين. فقد صرّح الضابط المتقاعد البارز الذي ينتمي إلى فئة الأربع نجوم، الجنرال ستانلي ماكريستال لشبكة” ABC News ” في 2018: “لقد اكتشفت أن ترامب يفتقد للأخلاق، وهو غير أمين”.
كما أن الأدميرال وليام مكرافن الذي هَنْدس الغارة التي قتل فيها أسامة بن لادن قد كتب في صحيفة “واشنطن بوست” موجهاً كلامه لترامب في عام 2018: “إنه من خلال أفعالك، فقد أحرجتنا أمام أعين أطفالنا، وقد أذللتنا على الساحة العالمية، والأسوأ من ذلك كله أنك قد قسمتنا كأمة واحدة”.
كما درج الجنرال المتقاعد مارك هيرتلينج الذي يحمل ثلاثة نجوم –وهو محلل لـ CNN – على انتقاد ترامب بشدة في عدد من القضايا، على سبيل المثال، عندما قام ترامب بمهاجمة الأدميرال ماكرافين لعدم عثوره على أسامة بن لادن في وقت أقرب، فقد وصف هيرتلينج هذا التصريح بأنه ” هجوم مقرف”.
وحتى وزير دفاع ترامب الحالي، مارك إسبر، وهو الضابط السابق في الجيش الأمريكي، أخذ ينأى بنفسه عن ترامب، قائلاً علنًا يوم الأربعاء إنه لا يوافق على الفكرة التي اقترحها الرئيس ترامب لاستخدام الجيش الفيدرالي ضد المتظاهرين الأمريكيين الذين يمارسون حقهم الذي كفله التعديل الأولى.
لقد ارتكب إسبر الآن خطيئة ترامب الكبرى عند قوله الحقيقة علنًا عن القائد العظيم، لذلك فلا ينبغي لنا أن نفاجأ إذا تم طرده في نهاية المطاف من عالم ترامب، ليقوم باستبدال شخص آخر به أكثر إذعاناً.
رابط المقال: اضغط هنا
السبيل