كلمة التوحيد.. منهج لحياة الموحدين

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : كاظم عايش

وهي عنوان السعادة في الدارين , وكيف يسعد من لم يجعل مولاه نصب عينيه في كل حال , فتوحيد الالوهية , وهو تخليص القلب من السوى , وسيطرة الحب على الأفكار والجوارح , واستقامة الحركة على الصراط , وظهور شعار الاستسلام وأيقونته أمام العين لا يبارحها , هو مصدر السعادة الأبدي , الذي ينشيء في النفس دوافعها الخيرة , ويعصمها من وساوس الشياطين , ويبعدها عن الأهواء العارضة , والدعايات المضللة , ويمنحها القوة والعزيمة لفعل الطاعات واجتناب المنكرات والمعاصي , والانسياق وراء الأهواء والضلالات.

إن استشعار العظمة للرب الخالق الرازق المحيي المميت النافع الضار الحفيظ المقيت الاول الآخر المبديء المعيد الحي القيوم , مجرد استشعار معاني الربوبية يجعلك في مقام رفيع لا يطالك فيه تعب ولا نصب ولا خوف ولا ظن ولا وهم , يجعلك في مصاف الخلائق الذين لا يعصون ويفعلون ما يؤمرون , يجعلك تدرك أن الله وحده هو المستحق للعبادة والطاعة والذكر والشكر , ويجعلك تركن اليه , وتؤمن به وتتوكل عليه وتلجأ إليه في كل لحظاتك , ومع كل نبضة من نبضات قلبك الذي يسبح خالقه ولا يفتر عن ذكر مولاه في حال صحوك ونومك , ولا يتوقف إلا عندما تلقاه وتسعد برؤياه , فيهب لك قلبا مؤهلا للعيش في نعيمه المقيم وملكوته العظيم .

إن فقه الأسماء والصفات , واستشعار معانيها , يستغرق الحياة كلها , ولا تحيط بها إن أبحرت في محيطها الذي لو حاولت إنفاده وصفا لكلمات الله لنفد وما أحاط بها , ولو كان من بعده كل محيطات الارض ومثلها معها , فأي رب هذا الذي تعبده , وأي إله هذا الذي تخضع له , وأي مولى هو الله , الذي يسمع الداعي ولو كانت نمله في جوف الظلمات , الذي يستجيب دعوة المظلوم , ويكشف هم المهموم , ويرزق الطير كلما غدت وراحت , لا تحمل هم رزق , ولا مأوى , يمسك السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه , يكشف الضر , ويجيب المضطر , ويسمع الخواطر في النفوس , والأمنيات في الصدور , ويحيلها بعظمته وقدرته شواهد عيان , تنشد بصوت واحد (وفي كل شيء له آية …تدل على أنه واحد).

الحياة في كنف التوحيد جنة , من لا يدخلها لا يدخل جنة الآخرة , والقلب الذي لا يتشرب رحيقها , لن يحظى بالنجاة , ومن لا يرد حوض التوحيد في الدنيا , لن يحظى بحوض الحبيب في الآخرة , وجنة التوحيد وارفة الظلال , طيبة الثمار , بهيجة الأجواء , فسيحة الأنحاء , كيف لا , وخالقها تكفل لمن يلجها أن يطمئن قلبه , وأن تطيب حياته , وأن يهدأ باله , وأن تسكن السكينة فؤاده , وأن يفارق الخوف والحزن محيطه وأن يحظى بالبشريات في جنات النعيم المقيم .

نقيض التوحيد هو الشرك , يطردك من ملكوت الرضى , إما طردا نهائيا كما حدث لأبليس , أو طردا متفاوت المدة بحسب طغيانك أو معصيتك أو غفلتك , فقد يكون مؤبدا أو طويلا مع الاشغال الشاقة , أو متوسطا أو يسيرا , والشرك هو الذي لا يغفره الله لمخلوق اذا مات عليه (إن الله لا يغفر أن يشرك به).

مقتضيات التوحيد كثيرة , ومظاهره في حياة الانسان متعدده , فأهل التوحيد أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين , يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم , وهم يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما , هم في صلاتهم خاشعون وعليها محافظون , وعن اللغو معرضون وللزكاة فاعلون , ولفروجهم حافظون ولشعائر الله معظمون , صادقون , صابرون , قانتون , صائمون , ذاكرون , ولأماناتهم وعهدهم راعون , وهم قبل هذا وذاك مسلمون مؤمنون , يرددون كلمة التوحيد وخير الذكر ومفتاح الجنة وخير ما قال النبيون من قبل (لا إله إلا الله ), وأما كود الامة الخاتمة الذي لا يفتتح باب الجنة إلا إذا قرن بها فهو (محمد رسول الله), عليها نحيا وعليها نموت , وبها نلقى الله سبحانه وتعالى.

ومن مقتضيات التوحيد السعي لإقامة العدل ومحاربة الظلم وموالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله , وأن لا تكون ظهيرا للمجرمين .

اكتب تعليقك على المقال :