كارثتا أوسلو والتطبيع.. ولقاحات الفصل العنصري الإسرائيلي

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : فراس أبو هلال

لا نحتاج إلى أدلة جديدة لإثبات كارثية أوسلو وما أفرزته من سلطة وهمية من جهة، أو لإثبات أن الاحتلال الاستعماري لفلسطين هو نظام فصل عنصري مكتمل الأركان من جهة أخرى.

مع ذلك، فإن الاحتلال “يتبرع” يوميا بأدلة جديدة، ولكنها بكل أسف لم توقظ بعد مدمني السلطة وعاشقي التنسيق الأمني مع الاحتلال، كما أنها لم تمنع اللاعبين السياسيين تحت سقف أوسلو من متابعة لعبتهم الخطرة، بمبررات بات الجميع يدرك أن التاريخ أثبت خطأها.

آخر الأدلة التي لا تنتهي في هذا المجال هو تعامل الاحتلال مع لقاحات فيروس كورونا، سواء كان ذلك في الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨، أو في القدس والضفة وغزة.

آخر الأدلة التي لا تنتهي في هذا المجال هو تعامل الاحتلال مع لقاحات فيروس كورونا، سواء كان ذلك في الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨، أو في القدس والضفة وغزة


اللقاح العنصري في مناطق ٤٨

بحسب تقرير لموقع مجلة كريستيان ساينس مونيتور في نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، فإن نسبة من تلقوا اللقاح من فلسطينيي ٤٨ ممن تجاوزت أعمارهم الستين عاما هي ٤٣ في المئة، بينما تصل النسبة لدى نظرائهم من اليهود الى ٧٥ في المئة.

يقول التقرير إن الأسباب تعود إلى انعدام الخدمات في بعض المدن ذات الأغلبية الفلسطينية مثل النقب، وفقدان الثقة بالنظام الصحي الإسرائيلي من قبل فلسطينيي ٤٨، وقلة المعرفة الطبية لديهم مقارنة باليهود.

وإذا كان السبب الأول المتعلق بنقص الخدمات في المدن والقرى العربية يمثل تعبيرا مباشرا عن طبيعة نظام الفصل العنصري الذي يقيمه الاحتلال بشكل ممنهج، وبالممارسة العملية والقانونية أيضا (وآخرها قانون القومية العنصري)، فإن السببين الآخرين يمثلان تعبيرا غير مباشر عن نفس الطبيعة العنصرية للاحتلال، لأن فقدان الثقة بالنظام هو نتيجة للممارسات العنصرية التي عاشها فلسطينيو ٤٨ تاريخيا، أما نقص الثقافة والوعي الطبي فهو نتيجة للعنصرية في نظام التعليم الصهيوني ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين.

بدلا من معاقبة العالم لهذا النظام العنصري فإنه يكافئه كل يوم على عنصريته، وهو ليس أمرا مستغربا من دول العالم التي تبحث عن مصالحها عبر هذا النظام الاستعماري، ولكن المستغرب هي الهرولة الرسمية العربية للتطبيع معه


وبدلا من معاقبة العالم لهذا النظام العنصري فإنه يكافئه كل يوم على عنصريته، وهو ليس أمرا مستغربا من دول العالم التي تبحث عن مصالحها عبر هذا النظام الاستعماري، ولكن المستغرب هي الهرولة الرسمية العربية للتطبيع معه، ومحاولة كي الوعي الشعبي العربي المناهض له.

نظام الفصل العنصري في فلسطين المحتلة لا مكان طبيعيا له لدى الشعوب العربية والمسلمة وكل أحرار العالم، خصوصا أنه لا يترك فرصة إلا ويثبت فيها طبيعته العنصرية الإجرامية!

كارثة أوسلو ومكافأة نظام الأبارتايد

يتعامل الاحتلال بشكل مستمر مع الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني المحتل كأوراق ضغط، ويساوم فيها ويبتز الفلسطينيين ليحصل على أكبر قدر من مصلحته. يستخدم الاحتلال هذه المقاربة العنصرية في كل المجالات: الاقتصاد والمعابر والسفر والصحة والتعليم، وغيرها من المجالات.

آخر استخدامات الاحتلال لأسلوب الابتزاز هو لقاح فيروس كورونا.

يتعامل الاحتلال بشكل مستمر مع الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني المحتل كأوراق ضغط، ويساوم فيها ويبتز الفلسطينيين ليحصل على أكبر قدر من مصلحته. يستخدم الاحتلال هذه المقاربة العنصرية في كل المجالات


يرفض الاحتلال تقديم لقاحات للسلطة الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة، ويمنع ويمنح دخولها من داعمين عرب ودوليين حسب الأهداف السياسية التي يمكن أن يحققها من المنع أو المنح.

وزيرة العدل (وأي عدل في الاحتلال؟!) السابقة في حكومة الاحتلال وعضو الكنيست إيليت شكيد قالت في تصريح لإحدى القنوات قبل يومين؛ إن إسرائيل يجب أن لا ترسل لقاحات لقطاع غزة، حتى لأغراض المساعدة الإنسانية، لأن هناك جثامين لجنود محجوزة في غزة.

وعلى الرغم من الضغوط والمناشدات الدولية، فقد رفض الاحتلال تقديم اللقاحات حتى للطواقم الطبية الفلسطينية. وللرد على هذه الضغوط، قال وزير الصحة في حكومة الاحتلال أكثر من مرة إن حكومته غير ملزمة بذلك، لأن الخدمات الصحية هي من مسؤوليات السلطة بحسب اتفاقيات أوسلو.

كانت أوسلو كارثة عند توقيعها، وستبقى كذلك، وستتحمل فتح وسلطتها المسؤولية التاريخية عنها، وستتحمل حماس والفصائل الأخرى التي تقف على تخوم السلطة وتشارك بالعملية السياسية والانتخابية تحت سقفها بحجة العمل على تغييرها؛ مسؤوليتها


وهكذا تطل كارثة أوسلو مع كل مفصل من مفاصل حياة الشعب الفلسطيني، فهي لم تغير حقيقة الصراع فقط وتظهره بصورة موهومة كصراع بين دولتين وليس صراعا بين شعب محتل واحتلال بغيض، لكنها قدمت للمحتل احتلالا ثمنه صفر، وبدلا من أن يقوم الاحتلال بمسؤولياته تجاه الحياة اليومية للشعب الفلسطيني بحسب القوانين الدولية، أصبح يتربح من الضرائب التي يحصل عليها دون ثمن، ودون أي التزام. لولا سلطة أوسلو لأجبر نظام الفصل العنصري على تقديم اللقاح وغيره من المتطلبات الصحية للشعب الفلسطيني، ولظهرت صورته البشعة لكل شعوب العالم على حقيقتها.

كانت أوسلو كارثة عند توقيعها، وستبقى كذلك، وستتحمل فتح وسلطتها المسؤولية التاريخية عنها، وستتحمل حماس والفصائل الأخرى التي تقف على تخوم السلطة وتشارك بالعملية السياسية والانتخابية تحت سقفها بحجة العمل على تغييرها؛ مسؤوليتها أيضا.

هذه السلطة لا يمكن تغييرها، ولا تحويل وظيفتها. هذه ليست سوى مسخ شوه النضال الفلسطيني، ولا حل للمأزق الفلسطيني دون التخلي عنها، والعودة بالصراع إلى مربعه الأصلي.

اكتب تعليقك على المقال :