في اليوم الذي استقبل فيه الرئيس التركي طيب رجب أردوغان الرئيس الفلسطيني محمود عباس في انقرة؛ خرجت تظاهرات مؤيدة للرئيس محمود عباس ولحركة فتح في رام الله قادها نائب الرئيس الفلسطيني في رئاسة حركة فتح محمود العالول.
لكن.. وفي اليوم التالي لزيارة محمود عباس لتركيا؛ خرجت مظاهرة مناهضة للرئيس وللسلطة في رام الله للاحتجاج على مقتل الناشط نزار بنات والدعوة الى التغيير تارة؛ وتارة اخرى الى اسقاط النظام.
فما حذّر منه العالول قبل ذلك بيوم في خطابه الميداني أمام دوار المنارة في رام الله؛ لم يجدِ نفعا ولم يمنع المتظاهرين من الخروج الى الساحات وتحدي السلطة وقيادتها من جديد؛ الأمر الذي يحتاج الى مزيد من التأمل والتدبر.
المظاهرات والمظاهرات المضادة لا زالت في ذروتها في الضفة الغربية، ولعل ذلك ما دفع الرئيس محمود عباس للتوجه إلى تركيا على أمل إحياء المصالحة الفلسطينية وإخراجها من الغيبوية التي دخلت فيها أعقاب لقاءات القاهرة التي عطلها موقف السلطة المتوجس من الانتخابات التشريعية والرئاسية ومن إصلاح منظمة التحرير، بل ومن حكومة الوحدة التي اقترحتها السلطة ذاتها في رام الله، فالسلطة في رام الله متوجسة من كل شيء، غير متمكنة من الحاضر، ولا متفائلة بالمستقبل وما يخبئه.
هل تنجح تركيا في إحياء حوارات القاهرة هذه المرة في إسطنبول؟ وهل ينجح مسعى الرئيس محمود عباس في العودة إلى مسار الحوارات لتهدئة الشارع واحتواء الانقسام الداخلي في السلطة ذاتها حول شخص رئيس الوزراء المقبل؟ ففياض رغم الضغوط الامريكية لم يحظَ بالقبول داخل حركة فتح قبل أن يحظى به داخل غزة وحماس.
هل يتمكن محمود عباس من إعادة المحتجين على مقتل بنات الى بيوتهم بعد أن فشلت المظاهرات المضادة التي خرجت في الخليل ونابلس ورام الله في وقف حراك الشارع؟!
من الصعب ان تنجح الوساطة التركية إن لم تتوفر لدى الرئيس محمود عباس وقيادات الصف الاول والثاني والقيادات الامنية الإرادة للحوار وترجمة ذلك عبر آليات وجدول زمني ملزم يسير بالتوازي مع ضغط الشارع.
الخيارات أمام السلط في رام الله وقيادة فتح تضيق؛ فإما أن يتدارك القادة في السلطة وحركة فتح الأمر قبل غياب الرئيس الثمانيني، وإما ان يدخلوا في نفق يصعب التكهن بمساره وتداعياته لا على الشارع الفلسطيني بل على حركة فتح وقيادات السلطة في رام الله.
فسلطات الاحتلال تعمل ليل نهار على تفكيك السلطة وقيادة فتح وشرذمتها كمقدمة عملية تحويل الضفة الى كنتونات يحكمها قادة أمنيون وزعامات جهوية؛ كل يعمل على هواه.
ختاماً.. إذا كان هذا طموح قادة الكيان؛ فما هو طموح القادة في رام الله؟ إن لم يكن توحيد الشعب الفلسطيني وشرعنة نضاله فماذا يكون؟ فالسلطة في رام الله تعيش ربع الساعة الأخير ما قبل الكارثة، والأمل معقود على العقلاء وأصحاب النظر البعيد والأفق الواسع.