قامت الأجهزة الأمنية بجهد استخباري دقيق، وعملت على التحقيق حتى اكتملت الأسس التي تعتقد أنها كافية لتقديم أدلة اتهام، ثم أعدت لائحة الاتهام، التي لم تنشر بعد، وأحالت القضية لمحكمة أمن الدولة التي سيكون لها الكلمة الفصل.
هذا هو التسلسل المنطقي والقانوني والشرعي والإنساني، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، وما جرى بالأمس هو عكس ذلك حيث أصدر البعض أحكامه النهائية دون أدنى احترام للمحكمة.
ومن الطبيعي أن تكون القضية مثيرة وتشد الرأي العام، ومن الطبيعي أن يدلي الناس بآرائهم بعفوية، لكن هناك قضايا عديدة يعمد المدعي العام لحظر النشر فيها وذلك لغايات منها عدم التأثير في المحاكمة، سواء بالتحريض والتجييش ضد المتهمين، أم التجييش للضغط على القضاة لتبرئة المتهمين.
للأسف، ما رأيناه أمس هو تصدر وسائل إعلام حكومية مسألة التجييش والتحريض، ومحاولة إلصاق التهمة بجماعة الإخوان المسلمين والتحريض والتجييش ضدها، حيث كان كل الضيوف من لون واحد، وهذا مخالف لأبسط قواعد الإعلام المهني.
نعود مرة أخرى للصوت الواحد الذي يلغي كل الأصوات، وللترهيب الإعلامي الذي يراد منه الانصياع لرغبات البعض قبل أن تقول المحكمة رأيها، وتشكيل رأي عام ضاغط على المحكمة، وهذا أمر مناف لكل قواعد العدالة والإنصاف وإجراءات التقاضي العادلة.
إن محاولة الزج بجماعة بوزن جماعة المسلمين التي تأسست متزامنة مع استقلال المملكة، وتربى في أحضانها عشرات الآلاف من الأردنيين، ولها بصمات واضحة على المجتمع الأردني، وما كانت يومًا إلا في صف المدافعين والمنافحين عن هذا الوطن، ولها جولات مع الحكومات المتعاقبة وصولات في المجالس البرلمانية المتعاقبة، وإن حملة التأليب والتحريض ضدها التي انطلقت مباشرة، ودون حتى انتظار الرواية الرسمية، محاولة ليست حكيمة وتفوح منها رائحة النكايات والمناكفات السياسية.
أخيرا، لا شك أن الجميع يرفض المساس بأمن واستقرار هذا البلد، ويرفض أي محاولات لذلك أيًّا كان مصدرها، ويؤيد الإجراءات الكفيلة بحماية الوطن من كل الأخطار الداخلية والخارجية في ظل الإجراءات الدستورية والقانونية المرعية، وهذه الثوابت لا أعتقد أن أحدا يختلف عليها، ومن الطبيعي أن يتوقف الجميع عند هذه النقطة لأخذ الدروس والعبر.