الإمام البنا عبقرية القيادة وإحكام البناء (1)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : إبراهيم اليماني

في الكتابة عن شخصية ما نوع من الوفاء لحقها، وتذكير ببعض ما كان لها من أثر ودور، ودعوة للتحقق والاستذكار والعمل والإحياء والتجديد لمنهجها وفكرها واستكشافاً لخصائصها؛ مما يحفز الهمم والعزائم، وينير البصائر، ويلقح العقول،ويصحح المسار؛ فكيف إذا كانت الكتابة عن الإمام البنا الرائد الأول للعمل الإسلامي على امتداد مئة عام أو يزيد، وعلى يده كان انبعاث أعظم حركة في التاريح الإسلامي المعاصر، وأنه على الرغم من استشهاده في سن مبكرة وفي ريعان الشباب وقمة العطاء طرح نظريات واجتهادات ومناهج متقدمة جداً في ميادين العمل الإسلامي المختلفة قرنها بالعمل قبل القول، وبالتضحية لأجلها وفي سبيلها مع كمال الإيمان بها والإخلاص لأجلها؛ ابتغاء رضوان الله تعالى، ورفع راية الإسلام، وهو القائل: ((إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة، لها ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها)). (رسالة الشباب). فكان الإمام البنا هو ذاك الإنسان الذي آمن بالفكرة، وأخلص لها وضحى في سبيها؛ وما هذه الفكرة إلا الإسلام نفسه.

لقد كانت تجربته المبكرة، ومشاهداته المثيرة؛ عاملاً حاسماً في وضوح الرؤية وتحديد الهدف، وقد استفزته رؤية القوات المحتلة البريطانية جاثمة على صدور الوطن، وعايش الأخطار المحدقة بفلسطين والمسجد الأقصى، والمؤامرة الكبرى لإقامة كيان صهيوني في قلب الأمة، كما حركه ما رأى من أحوال الأمة في تمزقها وتفتتها وانقسامها، وتكالب الأعداؤ عليها، وآلمه تفشي البؤس والفقر والحرمان في السواد الأعظم من أبناء الأمة لحساب المستعمرين والفاسدين، وراعه تخاذل وفساد الكثير من الجهات السياسية والمتنفذة، مع ما سبق ذلك من سقوط لآخر خلافة إسلامية؛ مما جعله يفكر ليله ونهاره بما يجب عليه تجاه دينه وأمته ووطنه، بل وتجاه الإنسانية ككل؛ فانطلق في مشروع رائدواضح الغايات والمعالم والمنطلقات ورسم الخطط ووضع الآليات الدقيقة وخاطب الأمة والجماهير وسعى إلى بناء تنظيم يتحرك لذلك كله وهو دون الخامسة والعشرين من عمره.

اكتب تعليقك على المقال :