الأردن والكيان الصهيوني علاقة بحكم الميتة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : حبيب أبو محفوظ

الاحتفالات التي شهدتها منطقتي “الغمر” و”الباقورة”، من قبل الأردنيين لم تكن بالدرجة الأولى لجهة عودة المنطقتين للسيادة الأردنية، بقدر ما كانت ابتهاجاً بالموقف السياسي للمملكة الذي بدا منسجماً مع نفسه ومطالب شعبه برفض العلاقة “الطبيعية” والتطبيعية مع الاحتلال، وكأنها أمراً واقعاً مفروضاً على الأردن والأردنيين.

الصهاينة غربي النهر يشعرون جيداً حجم الانعطافة الحادة في المواقف الرسمية الأردنية نتجية السياسات العنصرية لقادة الكيان الصهيوني، والتي دائماً ما تصطدم مع المصالح الوطنية العليا للدولة الأردنية، والاحتلال بات يعتبر الأردن عنصرًا مُعاديًا له في المحافل الدوليّة، بعدما كان يصفه بحديقته الخلفية، يأتي هذا على الرغم من مرور ربع قرنٍ على توقيع إتفاقية “وادي عربة” للسلام بين الأردن، والكيان الصهيوني.

رهان الصهاينة على تراجع الأردن عن قراره باستعادة الباقورة والغمر لم ينقطع ولم يتوقف حتى ربع الساعة الأخير، فالعقلية الصهيونية قائمة على الهيمنة ودائماً ما تحاول إلقاء اللائمة على الآخرين، فالأردن في العقل الباطن بالنسبة لتل أبيب مضمون وقائم على التبعية، وبالتالي على عمان وفق هذا التعبير الخضوع للإملاءات الصهيونية دون نقاش.

قد يبدو الموقف الأردني الصارم من عودة المنطقتين الحدوديتين كرد اعتبار للأردن نتيجة تعمد حكومة بنيامين نتنياهو في السنوات الأخيرة إهمال عمان بعد أن كانت ممراً سياسياً ودبلوماسياً رئيسيا لعلاقاتهم في المنطقة، إلا أن ذلك يعطي مؤشراً واضحاً أن الأردن بات في مربع سياسي مختلفٍ عن السابق، ينظر إلى الأمام دون العودة للخلف.

يجد مطبخ القرار في الأردن صعوبة في الجلوس مع نتنياهو، لكن غياب الأخير لا يعني أن الأمور ستصبح مستقبلاً سمناً على عسل، فالمؤسسة الصهيونية قائمة على إستراتيجية توسعية تستهدف الأردن تماماً كما أنها تستهدف الضفة الغربية، والحديث هنا عن ضم غور الأردن، في الوقت الذي تشرعن فيه الإدارة الأمريكية بناء المستوطنات في مناطق الضفة الغربية بهدف فرض واقعٍ جغرافي وديمغرافي جديدين يأتي على البقية الباقية من الأراضي الفلسطينية المصادرة.

بالنظر إلى تسلسل الأحداث فإن الأمور مرشحة لمزيد من التصعيد بين عمان وتل أبيب، وما سحب السفير الأردني من تل أبيب (عاد لاحقاً)، إلا بمثابة صرخة أردنية وإشعار للطرف الآخر بأن عمان غاضبة، ولم تعد تطيق أكثر ما تفعله الحكومة الصهيونية، وما تتخذه من قرارات تجاه الأردن وسيادته على المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، وما تصريحات الملك عبد الله الثاني أخيراً حول تدهور العلاقة مع الكيان الصهيوني إلا دليل صريح على تردي تلك العلاقة بل ووصولها لمراحل متقدمة من التردي الدبلوماسي، بل أكثر من ذلك تعتبر التصريحات الملكية بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على علاقة وصفت دائماً بالباردة، علاقة باتت بحكم الميته، وفي انتظار التشييع.

اكتب تعليقك على المقال :