الهواجس لِمَا بعد التعافي من كورونا المستجد اقوى بكثير من المخاوف التي ترافقت مع تفشي الوباء في جولته الاولى عالميا واردنيا؛ فالشكوك تتعاظم بإمكانية التعافي السريع اقتصاديا وصحيا، سواء في الساحة العالمية ام الاقليمية ام المحلية، والأخطر من ذلك ان هذه الهواجس ممزوجة بمخاوف من امكانية انطلاق موجة جديدة من الوباء الخريف المقبل، تعمق الازمات الاقتصادية والصحية العالمية، وتفاقم من حالة الاستنزاف والاجهاد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
الاردن ليس بمعزل عن العالم المحيط به؛ فهو عضو فاعل فيه بكل تفاصيله الاقتصادية والسياسية والامنية والثقافية، إشارات عَبَّر عنها الملك عبد الثاني في مقالته يوم اول امس في صحيفة الواشنطن بوست، بعنوان “حان الوقت للعودة إلى العولمة”.
المقال فيه دعوة إلى مسارعة التعافي عالميا في ظل غياب قيادة دولية كان من ملامحها تراجع وغياب دور الامم المتحدة، وعدم فاعلية مؤسساتها التي تحولت الى ساحة للتصارع الدولي، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية.
الأردن وإنْ تعافى من الجائحة فإنه لا يستطيع ان يسير في هذا العالم وحيدًا، او ان يحقق المعجزات الاقتصادية في ظل تعطل عجلة الانتاج العالمية، إلا أنه يستطيع أن يتميز بدور ريادي يساعده في تحقيق تكيف إيجابي يخفف من الآثار الاقتصادية والسياسية والامنية والثقافية بتوفير مزيد من الموارد، استعدادًا للأسوأ لأزمة يُتوقع أن تمتد لأكثر من عامين في تداعياتها المباشرة الصحية، ولأكثر من ذلك على الصعيد الاقتصادي والسياسي.
المرحلة المقبلة لن تكون الاسهل بل هي التحدي الاصعب في ظل عالم يعاني من الاغلاق التام والريبة والشك، والميل نحو التصارع والتنازع، فالبيئة الدولية تشير الى تكيف سلبي يضغط على المنظومة الدولية، ويهدد بمزيد من الفوضى؛ فأفضل الخيارت في ظل حالة انعدام اليقين، والتمدد الزماني والمكاني للأزمة الصحية والاقتصادية هو الاستعداد للأسوأ؛ فهو الخيار الأمثل للخروج من الازمة .