دخلت البلاد أسبوعها الثاني من حظر التجوال، وسياسة التباعد الاجتماعي، وهو ايضا الاسبوع الثالث لبدء اجراءات الوقاية من تفشي الوباء بإغلاق المدارس والاماكن العامة والاعمال، ووقف السفر، والحجر على القادمين من المعابر الحدودية والمطارات.
بدخول البلاد اسبوعها الثالث في معركتها مع فايروس كورونا تكشفت البؤر الساخنة، وبات بالإمكان رصدها ومحاصرتها لاحتواء تفشي المرض قبل ان يتحول الى وباء ينتشر أفقيًّا بشكل يصعب تتبعه.
رغم العيوب والعثرات والمفاجآت التي رافقت الحجر والعزل والحظر، فإنه بات بالإمكان محاصرة الوباء وعزل بؤره الساخنة، وتقديم الرعاية الكثيفة لتلك المناطق المستهدفة من خلال ايصال الخدمات مباشرة، وتوفير الرعاية الصحية، والفحوص اللازمة، وهو نجاح بحد ذاته يسجل للحكومة والدولة بكافة اجهزتها العاملة.
وبالتأكيد، فإن البؤر الساخنة لن تقتصر على مدينة اربد ذات المليوني نسمة؛ فهناك بؤر باتت متوقعة في العاصمة عمّان امكن رصدها نهاية الاسبوع الفائت، وتحتاج الى اجراءات فعالة تساعد المواطنين فيها على تجاوز المحنة، واحتواء تفشي الفايروس.
حتى اللحظة ورغم مرور ثلاثة اسابيع على إجراءات التباعد الاجتماعي، واقل من اسبوعين على انطلاق اجراءات الحظر، فإن عدد الاصابات بقي تحت السيطرة؛ إذ سيرتفع عدد من يغادرون الحجر الصحي -على الارجح- ومَن يتعافون من المرض، ليتساوى مع عدد المصابين في حال لم تظهر مفاجآت غير سارة، او حدثت أخطاء تتجاوز البؤر التي تم رصدها، والمرتبطة بالاختراقات الكبيرة التي تم كشفها وتتبعها لانتشار المرض.
التفاؤل مطلوب، وهو مدعاة لمزيد من التعاون بين المواطنين والدولة؛ فالنجاح في مكافحة المرض سيتبعه نجاح اقتصادي يرتبط بنموذج اردني جذاب، مضيفًا قوة ناعمة للبلاد تعزز من مكانتها الاقليمية والعالمية، وتعزز مكانة دبلوماسيتها، وتفتح لها المزيد من الابواب الاستثمارية، والفرص في عالم متغير.
إن ما يخوضه الاردنيون اليوم معركة ستقرر مصيرهم، ومكانتهم في هذا العالم المتغير، وفيه معركة ستعزز فخرهم ببلادهم، وهويتهم الوطنية والحضارية العربية الاسلامية، والأهم أنها تعزز الثقة بين المواطن وقيادته، وبين المواطن ومؤسساته بفتح الباب لمزيد من التقارب والتعاون والثقة في المستقبل لكافة ابناء الوطن الواحد.
المعركة لم تنته، ولعلها الأيام حبلى بالمفاجآت، إلا أنها معركة تستحق ان يخوضها الاردنيون، ففيها الكثير من الدروس والعبر التي تحتاج الى تأمل من ابناء الوطن الواحد؛ لتحقيق مزيد من النجاح بتعزيز القيم الايجابية التي ستبقى علامة فارقة يتذكرها الاردنيون لسنين طويلة عن تضامنهم، وتسجيل نجاح يعزز ثقتهم بالمستقبل، فهو نصر سيحدد مكانهم في عالم الغد.
ختامًا: في معركة “كورونا” ليس المهم أن تنتصر، أو متى، وإنما كيف تنتصر.
فالجميع في النهاية سينتصر، ليبقى السؤال: كيف كان النصر وما هو مذاقه، خصوصًا من ناحية أخلاقية؟