هل يتراجع «مودي» عن قانون الجنسية في الهند؟

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : حازم عياد

قانون منح الجنسية الذي اقره البرلمان الهندي المسيطر عليه من قبل الحزب اليميني المتطرف (بهاراتا جاناتا) من اكثر القوانين تخلفا وهمجية؛ اذ استثنى المسلمين من حق الحصول على الجنسية الهندية في حال عجزهم عن اثبات تولد آبائهم واجدادهم في الهند قبل العام 1971، مستثنيا الهندوس وديانات اخرى من القرار، علما بأن الكثير من الهنود الفقراء لا يمتلكون اوراقا ثبوتية في الهند وهي ظاهرة منتشرة على امتداد الاراضي الهندية ما يعني ان الامر لن يقتصر على مليون او مليونين من البشر في الهند انها كارثة انسانية وقنبلة موقوتة.
ناريندار مودي رئيس الوزراء الهندي ورغم الاحتجاجات الواسعة فإنه لا يزال متمسكا بموقفه وبموقف حزبه من القانون الجائر؛ فالتطرف والنزعة اليمينة هي رأس مال الحزب وقوته اليومي؛ فرغم سقوط  24 من المتظاهرين برصاص الشرطة الهندية خلال الايام القليلة الماضية الا ان حزب بهاراتا ومن ورائه رئيس الوزراء لا يزال يدافع عن القانون متهما حزب المؤتمر (الكونغرس) بأنه المسؤول عن التحريض على الاحتجاجات التي اجتاحت نيودلهي يوم امس في اثناء إلقائه خطابا امام انصاره في حزب بهاراتا؛ فالهجوم على حزب المؤتمر خطوة ضرورية بالنسبة لمودي؛ فالحزب يمثل ارثا كبيرا فهو الحزب المؤسس للهند في العام 1948 بقيادة نهرو، ومن قبله غاندي، يملك صورة مشرقة في الساحة الدولية.
اتهامات مودي لحزب المؤتمر تؤكد ان التظاهرات خرجت عن السيطرة فالمسلمون ليسوا الطرف الوحيد المحتج على سياسة الحزب اليميني المتطرف بهارات جاناتا والذي تغول على البلاد والسلطة منذ العام 1986 الى حين وصوله الى السلطة نهاية القرن الماضي ثم سيطرته المطلقة في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين.
حزب بهاراتا جاناتا وزعيمه تمادى في الاقصاء لعدم وجود قوة تردعه في الشارع الهندي؛ اذ بقي دون قوة تتحداه على مدى العقود الثلاثة الماضية.
حزب بهاراتا فاز بأغلب مقاعد البرلمان في الانتخابات التي عقدت قبل اشهر في الهند لتأتي حادثة قانون الجنسية كقشة كسرت ظهر البعير ودفعت الجمهور الهندي المقهور الى كسر حاجز الصمت والخروج للشوارع ومعه طبقة واسعة من المثقفين الى جانب الاحزاب التقليدية والعريقة في الهند وعلى رأسها حزب المؤتمر الذي لم يترك المسلمين لوحدهم في المعركة.
ما يحدث في الهند فرصة تاريخية لوضع حد لتغول حزب بهاراتا جانتا اليميني المتطرف فالمعركة لا تخص المسلمين وحدهم بل تعني الهنود في مجموعهم فسياسة حزب بهاراتا ستقود الهند الى صراعات وازمات لا تنتهي ولا تقتصر على بيئة المحلية لتمتد الى محيطه وجواره الاقليمي كباكستان والعالم العربي بل العالم بأسره، فضلا عن تمزيق النسيج الهندي الذي تضرر منذ ان تغول اليمين الهندوسي المتطرف بعد حادثة هدم مسجد بابري في العام 1991.
ختامًا: ما يحدث في الهند صحوة من الممكن ان تدفع حزب بهارتا الى التراجع التكتيكي امام الضغوط الداخلية والاقليمية والدولية المتصاعدة، غير ان تداعيات قانون الجنسية والصحوة السياسية والثقافية في الهند لن تقتصر على قانون الجنسية على الارجح؛ فمسار الهند بحاجة الى تصحيح وإلا فإن البلاد عرضة للتمزق وعلاقتها بمحيطها الاقليمي والمجتمع الدولي عرضة للتضرر بشكل يصعب ترميمه في المستقبل، فاليمين ممثلا بحزب بهاراتا ومقولاته الاقصائية تعد اكبر تهديد لمستقبل الهند وتطورها كقوة اقتصادية في المنطقة والعالم.

اكتب تعليقك على المقال :