تكاثرت المنصات الالكترونية كالفطر لخدمة المواطنين بمختلف تخصصاتهم؛ صناعيين وتجار وحرفيين واخيرا عمال مياومة؛ وبرز الى السطح قطاع واعد ينمو كالفطر على هامش المنصات المهنية والالكترونية؛ تشبه خدماتها (اوبر وكريم) كوسيط بين اصحاب المهن الحرة والزبائن.
قطاع الكتروني ينمو على هامش ازمة فايروس كورونا المستجد ان لم يكن في احشائها؛ ليتحول في شقه الحكومي والخاص الى شريك اساسي في الاعمال والبزنس والارباح عبر التعريفات او الرسوم والضرائب والاشتراكات الرمزية.
منصات هنا وهناك تشعل حروبًا صغيرة ومواجهات اعلامية؛ تارة باتهام المنصات باستغلال الجائحة لجني المزيد من الاموال لبعض المؤسسات؛ ضرائب والتزامات يعجز اصحاب المنشآت التجارية الصغيرة واصحاب الحرف والمهن الحرة عن الايفاء بها؛ ما دفع الضمان الاجتماعي الى التخفيف من شروطه، والاكتفاء بالتشجيع على الاشتراك، وتسجيل المنشآت في الضمان.
المعارك والمواجهات شبه يومية تنبئ بإعادة صياغة العلاقة؛ صياغة العلاقة بين المواطن والحكومة، بل بين البائع والمشتري؛ مواجهة كان كان خرها الهجوم الذي شنه رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق على منصة منح التصاريح للقطاعات التجارية، قائلا: “كان يجب التأكد من عمل منصة التصاريح وكفاءتها قبل اصدار قرار بفتح المنشآت”.
ليضيف الحاج أن غرفة تجارة عمان لم تطلب اضافة خانة رقم العضوية في الغرف الى منصة stayhome أو Mehan.jo، مؤكدا أنها ليست بحاجة الى ايرادات إضافية من اموال الزملاء اصحاب المهن او غيرهم من غير الملزمين قانونيا بالتسجيل بالغرفة؛ إشارة لطيفة الى طبيعة المواجهة والانتقادات في العديد من الساحات كان محورها جني المزيد من الاموال وتحصيل المزيد من الضرائب، أمرٌ جهدت الحكومة لنفيه.
الأمر أشبه بفوضى وليس بفوضى في ذات الوقت؛ تسهيل وتيسير ولكنه تعقيد وتشويش وكلف وهواجس هيمنة للبنوك والحكومة ولبعض القطاعات التي ستتحول الى شريك في كل شيء مربك، فهو تطور ونقلة كبيرة الى الامام: محافظ الكترونية ومنصات تجعل البنوك شريكا في الارباح عبر رسوم بسيطة كما يقال، او من خلال خدمة المنصات لربط المهني بالزبون، وتقديم الخدمات والرعاية الحكومية للمواطن.
إننا بلا شك امام عصر جديد يحتاج لانتخابات برلمانية على قاعدة تعزيز الرقابة على هذه التحولات، إلا أن هناك خشية من منصة برلمانية تزيد الطين بلة، والمشهد مزيد من الإرباك والحيرة.
فهل الانتخابات على الابواب؟ وهل قانون الانتخاب والحياة البرلمانية والحزبية في الاردن مؤهلة للتعامل مع تحولات كورونا عبر فرض المزيد من المنصات الالكترونية، ام ان الامر سيبقى محل جدل وتصارع وفوضى بين اصحاب المهن والقطاع الخاص والحكومة على شكل احتجاجات ونوبات غضب هنا وهناك؟
المشهد في الساحة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يحتاج الى وقفت تأمل؛ فالبلاد دخلت عصرًا جديدًا قبل الأوان؛ فكورونا طوى الزمن، ونقلنا بسرعة الضوء نحو المستقبل، وبتنا نحيا فصول عملية تفاوض ومساومات يشارك فيها الجميع من أبسط الشرائح واقلها امكانات الى اكثرها ثروة؛ مرحلة تؤسس لحقبة جديدة تحتاج إلى مزيد من التنظيم من قبل الغرف التجارية والنقابيين والنواب والقوى المجتمعية صغرت ام كبرت الى جانب الاحزاب السياسية البرامجية إن وُجدت أصلًا! فنحن على أبواب عقد اجتماعي جديد، والله أعلم.
عَقْدٌ يمثل فرصة لتطوير هادئ بعد النجاح الملوس في مواجهة التبعات الصحية لكورونا على أنْ لا يتلاشى الحذر من الموجة الثانية!