(2) حِفظ حرمة الأخِ في الخلطة وعند الافتراق.
وهو ما لخَّصه الفُضَيْلُ بنُ عِياضٍ رحمه الله في قوله: «نَظَرُ الأخِ إلى وجهِ أخيهِ على المودَّةِ والرحمةِ عِبادةٌ، فلا تصِحُّ المحبَّةُ في اللهِ عزَّ وجلَّ إلا بما شَرَطَ فيها من الرحمةِ في الاجتماعِ والخُلْطِة، وعندَ الافتراقِ: بظهورِ النَّصيحةِ، واجتنابِ الغِيبَةِ، وتمامِ الوفاءِ، ووُجودِ الأُنْسِ، وفَقْدِ الجَفَاءِ، وارتفاعِ الوَحْشَة».
وكان يقول: «إذا وقعت الغِيبَةُ، ارتفعتْ الأُخُوَّة».
وما ألْطفَ قولَ أحدِ السَّلَفِ يُخاطِبُ أخاه الذي هجَرَه:
هَبْنِي أَسَأْتُ كَمَا تَقُولُ
فَأَيْنَ عَاطِفَةُ الْأُخُوَّة
أَوْ إِنْ أَسَأْتَ كَمَا أَسَأْتُ
فَأَيْنَ َفَضْلُكَ وَالْمُرُوَّة
فليسَ من أخلاقِ الأخِ المسلمِ في شيءٍ أنْ يلتمسَ أسبابَ العيْبِ لِمَنْ خالفَه من إخوانِه أو مِنْ غيرِهم، أو أنْ يسعَى في الانتقاصِ من فضلِه، أو التحقيرِ من عملِه وعطائِه.
ويَنْتَصِحُ الإخوانُ بنصيحةِ الفاروقِ عُمَرَ بنِ الخطَّاب لغلامِه أَسْلَم – كما في الأدب المفرد للبخاري -: «لَا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفًا، وَلا يَكُنْ بُغْضُكَ تَلَفًا»، قالَ: وكيَف ذلك؟ قالَ: «إِذَا أَحْبَبْتَ فَلا تَكْلَفْ كَمَا يَكْلَفُ الصَّبِيُّ بِالشَّيْء يُحِبُّهُ، وَإِذَا أَبْغَضْتَ فَلا تَبْغَضْ بُغْضًا تُحِبُّ أَنْ يَتْلَفَ صَاحِبُكَ وَيَهْلِكَ».
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق عن الحسن قال: «لا تُفْرِطْ فِي حُبِّكَ، وَلا تُفْرِطْ فِي بُغْضِكَ، مَنْ وَجَدَ دُونَ أَخِيهِ سِتْرًا فَلا يَكْشِفْهُ، لَا تَجَسَّسْ أَخَاكَ؛ فَقَدْ نُهِيتَ أَنْ تَجَسَّسَهُ، ولَا تَحْفِرْ عَلَيْهِ، وَلَا تَنْفِرْ عَنْهُ».