(1) الصَّبْرُ عَلَى خَطَإِ الأَخِ حتَّى يرجِعَ للحقِّ
من غير تشهيرٍ به أو إشاعةٍ لِزَلَّاتِه، والتماسُ أسبابِ عودتِه إلى الاستقامةِ والصواب، فالمؤمنُ كما قال ابنُ المبارك: «يطلُبُ المعاذِيرَ، والمنافقُ يطلُبُ العَثَرات».
قال أبو الدَّرْدَاء: «إِذَا تغيَّرَ أَخُوكَ وحَالَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا تَدَعْهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ أَخَاكَ يَعْوَجُّ مَرَّةً، وَيَسْتَقِيمُ أُخْرَى».
وَقَالَ إبراهيمُ النَّخَعِيُّ: «لَا تَقْطَعْ أَخَاكَ وَلا تَهْجُرْهُ عِنْدَ الذَّنْبِ، فَإِنَّهُ يَرْتَكِبُهُ الْيَوْمَ وَيَتْرُكُهُ غَدًا».
وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا … كَفَى الْمَرْءُ نُبْلًا أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهْ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ وَهْبٍ: «مِنْ حُقُوقِ الْمَوَدَّةِ: أَخْذُ عَفْوِ الْإِخْوَانِ، وَالْإِغْضَاءُ عَنْ تَقْصِيرٍ إنْ كَانَ».
وجاءَ في بعضِ الآثارِ: أنَّ عيسَى عليه السلامُ قال للحَوَارِيِّين: «كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا رَأَيْتُم أَخَاكُمْ نَائِمًا وَقَدْ كَشَفَ الرِّيحُ ثَوْبَهُ عَنْهُ؟ » قَالُوا: نَسْتُرُهُ وَنُغَطِّيه، قَالَ: «بَلْ تَكْشِفُونَ عَوْرَتَه! » قَالُوا: سُبْحَانَ اللهِ! مَنْ يَفْعَلُ هذَا؟ فقال: «أَحَدُكُمْ يَسْمَعُ بِالْكَلِمَةِ فِي أَخِيهِ فَيَزِيدُ عَلَيْهَا وَيُشِيعُهَا بِأَعْظَمَ مِنْهَا».
وحتى حين تختلِفُ بالإخوانِ الآراءُ فإنَّ رابطةَ الأُخُوَّةِ ومروءةَ المؤمنِ تحمِيهم من الوقوعِ في الأعْراضِ، أوْ إِشاعةِ الشُّبُهات، أوْ تَرْديدِ المفْتَريات، أو التخلِّي عن أدبِ الوفاء، وهم يحفظُون كلمةَ حكيمِ الفُقهاء الإمامِ الشافعيِّ رحمه الله: «الحُرُّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ، وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَه لَفْظَةً»