رغم التحول التدريجي الذي شهدته ميانمار عندما وافق الجيش على تسليم السلطة لحكومة يرأسها الجنرال الإصلاحي ثين سين، عام 2016، إلا أن الجيش استمر في سطوته وقمعه للمعارضين، وعمليات الإبادة لأقلية الروهنغيا المسلمة، في الوقت الذي يقدم فيه الدعم للجماعات البوذية والمسيحية المسلحة.
ومن بين11 مقاطعة من مقاطعات ميانمار الـ14 التي غرقت في صراع معقد في البلد القابع جنوب شرق آسيا، إلا أن منطقة راخين (أراكان/غرب) هي الوحيدة التي أخذ فيها الصراع طابعًا خاصًا، حيث وثّق الازدواجية الدموية التي تتعامل بها الحكومة “العنصرية”، المتورطة في جرائم إبادة.
وبينما يشن جيش ميانمار مرارًا وتكرارًا حملات قمع واسعة النطاق في المنطقة، تستهدف مسلمي الروهنغيا، يقدم في المقابل دعمًا للجماعات البوذية والمسيحية المسلحة.
وتخوض الحكومة المركزية معارك طاحنة، في مواجهة ما لا يقل عن ثمانية تنظيمات بوذية عرقية مسلحة، تسيطر على 118 بلدة، أي ما يقرب من ربع سكان البلاد، ورغم ذلك تبدو راخين البقعة الأكثر دموية على خارطة ميانمار.
لكن موقف الحكومة في معالجة التمرد في هذه المناطق، يختلف بشكل لافت عن التعامل الوحشي مع مسلمي الروهنغيا، الذين لا يطالبون بالانفصال أو الاستقلال أو الحكم الذاتي الإقليمي.
ولخص الباحث الميانماري مونغ زارني، المقيم في بريطانيا، التناقض الفج في التعامل مع المشهد، قائلاً إن “الروهنغيا لا يقاتلون المجتمع ولم يناصبوا الحكومة العداء، وإنما يريدون فقط العيش بسلام، مثل الآخرين”.
وأضاف: “البوذيون في راخين هم الذين يقاتلون الحكومة المركزية، من أجل استعادة سيادة فقدوها قبل 200 عام، إلا أن العالم لا يعرف هذه الحقائق، ويميل إلى التركيز على المسلمين”.
ووصفت الأمم المتحدة ممارسات الجيش بحق الروهنغيا، بدءًا من إنكار الجنسية والاغتصاب والقتل ومصادرة الأراضي، بأنها “أمثلة فاشية على الإبادة الجماعية”.