أكد المتحدثون في الندوة التي أقمها مركز دراسات الشرق الأوسط مساء اليوم بعنوان “التحولات في العلاقات العربية- (الإسرائيلية) وتداعياتهتا على العالم العربي والقضية الفلسطينية”، على خطورة هذه التحولات لما تشكله من انكشاف للأمن العربي وإضعاف الموقف الموحد الداعم للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ودعوا إلى تأطير ومأسسة الجهود العربية المبعثرة بما يخدم القضيه الفلسطينية، ويواجه تداعيات صفقة القرن.
وتضمنت الندوة التي شارك فيها نحو 30 من الخبراء والأكاديميين ورجال السياسة من 5 بلدان عربية، تقديم 7 أوراق بحثية تناولت التحولات الجارية في العلاقات العربية- (الإسرائيلية)، مركِّزةً على الفترة من عام 2015-2020، ودرست تداعياتها على الأمن العربي بشكل عام، وعلى القضية الفلسطينية على وجه الخصوص.
وأكد المشاركون على ضرورة دعم صمود الدول العربية أمام الضغط الأمريكي للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتقوية موقفها في المحافل الإقليمية والدولية مع التحذير من أن تفتح خطوات التطبيع الباب أمام نشوء نخب أمنية واقتصادية عربية جديدة متناغمة مع الكيان الصهيوني، وما لهذا من خطر في تعميق الانقسامات والمشاكل الداخلية في الدول العربية.
وخلال الجلسة الافتتاحية للندوة أكد رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري في كلمته أن ما جرى مؤخرا من اتفاقيات مع إسرائيل من قبل بعض الأنظمة العربية على مبدأ السلام مقابل السلام جاء على حساب حقوق الشعب الفلسطيني لما تمثله هذه الاتفاقيات من دعم للسياسات الصهيونية التي تواصل عدوانها على الحقوق الفلسطينية وتتمسك بقانون يهودية الدولة الذي يشكل حجر الأساس لخطة تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، معتبراً أن حل القضية الفلسطينية هو أساس معالجة أزمات المنطقة والوصول لحالة الاستقرار، وأن اتفاقيات التطبيع تتيح للكيان الصهيوني الدخول إلى قلب النظام العربي واختراق المجتمعات العربية وبث بذور الفتنة والانقسام بداخلها، إضافة لاستنزاف أموال الدول النفطية تحت مسمى الاستثمار التكنولوجي، و دعا لموقف فلسطيني موحد وفق رؤية واضحة للتعامل مع المتغيرات الجديدة تجاه القضية الفلسطينية، ومعالجة ما وصفه بحالة الضعف في الوضع العربي الرسمي.
فيما أشار الأمين العام الأسبق للجامعة العربية السيد عمرو موسى في كلمته إلى ما وصفه باختلاف أولويات الأمن القومي وتغير مفهومه بين الدول العربية واختلاف تعريف الخصم أو العدو لدى كل منها، في ظل ما تشهده المنطقة من تغييرات إقليمية كبيرة ودخول مشاريع غير عربية إليها بقوة، مؤكداً أن الشعوب العربية لم تتقبل التغير العربي الرسمي في التعامل مع القضية الفلسطينية والعلاقة مع الكيان الصهيوني، مما يؤكد على ضرورة وضع استراتيجية عربية للتعامل مع الواقع الجديد في المنطقةوالسياسات الصهيونية والأمريكية الجديدة ووقف حالة الانقسام العربي في التعامل مع القضية الفلسطينية وحمايتها .
في حين دعا الأمين العام الأسبق لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور لبناؤ إستراتيجية عربية للتعامل مع القضية الفلسطينية، مستندة إلى تمتين الجبهة الداخلية للدول العربية عبر تحقيق الإصلاح السياسي والتصالح مع الشعوب، والاستفادة من الموقف التركي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني محذراً من تطور اتفاقيات التطبيع إلى تحالف مع الكيان الصهيوني يواجه الشعب الفلسطيني ويشدد الحصار على مقاومته ويفتح الباب أمام الكيان الصهيوني للتغلغل في الوطن العربي.
فيما أشار مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور بيان العمري في كلمته إلى أن منطلقات الكيان الصهيوني في بناء علاقاته مع أي دولة عربية تكمن في زيادة النفوذ الصهيوني واختراق العالم العربي ومحاصرته وفق نظرية بن غوريون منذ خمسينيات القرن الماضي، وأكد أن تجربة أربعين عاما من مسار التسوية والمعاهدات لن دول عربية و الكيان الصهيوني لم تحقق السلام والاستقرار في المنطقة ولم تحقق مصالح الشعب الفلسطيني.
وناقشت الجلسة الأولى من الندوة والتي أدارها الدكتور فايز الخصاونة أمين عام منتدى الفكر العربي الأسبق واقع ودوافع التحولات في العلاقات العربية الصهيونية، حيث تحدث في الجلسة كل من الدكتور مصطفى عثمان وزير الخارجية السوداني الأسبق والدكتور حسن المومني أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، حيث أشار المتحدثون إلى فقدان مراكز الثقل السياسي العربي و اتخاذ بعض الأنظمة العربية من التدخلات الإيرانية في المنطقة ذريعة لتبرير علاقاتها مع الكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية، مؤكدين على ضرورة وضع إستراتيجية عربية على مبدأ انه لا سلام مع الكيان الصهيوني دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
فيما ناقشت الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور نظام بركات أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك تداعيات التحولات في العلاقات العربية-الإسرائيلية على الأمن العربي والقضية الفلسطينية، وتحدث فيها كل من الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، والدكتور أحمد سعيد نوفل استاذ العلوم السياسية، والدكتور أيمن يوسف أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في فلسطين، مشيرين إلى تراجع القضية العربية على سلم أولويات النظام العربي، وأن اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع الكيان الصهيوني كانت بدوافع أمنية واقتصادية خاصة بالأنظمة الحاكمة، مما فاقم من الهيمنة الصهيونية في المنطقة وسهل الاختراق الإسرائيلي للموقف العربي المتمسك بالمبادرة العربية للسلام، وأثر على ثقافة جزء من الجيل الجديد في النخبة العربية الحاكمة والنخب الثقافية خاصة في دول الخليج تجاه الحق الفلسطيني وطبيعة الصراع الأمر الذي انعكس سلباً على القضية الفلسطينية.
وفي الجلسة الأخيرة للندوة التي أدارها الدكتور موسى بريزات السفير السابق، وتحدث فيها كل من الدكتور فاروق طيفور أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر والدكتور قاصد محمود النائب السابق لرئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأردني حول الإستراتيجية العربية الجديدة المطلوبة للتعامل مع الصراع العربي- الصهيوني، حيث ركز كل منهما على أهمية التعامل مع الكيان الصهيوني ومشروعه الصهيوني على اعتبار أنه تهديد استراتيجي ودائم للأمن العربي والقضية الفلسطينية، ما يستدعي بناء إستراتيجية شاملة وبعيدة المدى لاحتواء المشروع الصهيوني ومحاصرته وصولا إلى إنهائه.
واكدوا على ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني وحل مشكلة الانقسام فيه، وأن هذا الانقسام يفتح الباب أمام تبرير تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وتغييب الصوت الفلسطيني بحجة انقسامه وعدم وحدة خطابه، مشيرين إلى أن موجة التطبيع الحالية تشكل خطراً مضاعفاً نظراً لتجاوزها للاكتفاء بتهميش القضية الفلسطينية إلى السعي الجاد لتشويه القضية الفلسطينية وتبني الرواية الصهيونية على حساب الرواية العربية.