مقال غضبان في يوم بارد جداً

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : علي سعادة

يحدث في هذا الزمن المشبع بالنذالة أن يقوم أحد المستشفيات الخاصة بحجز جثث أطفال لوجود مستحقات مالية ومنع تسليمها إلى ذويهم. ويحدث أيضا أن تحجز مدارس خاصة ملفات وشهادات الطلاب لديها لوجود مستحقات مالية على أولياء أمورهم وأن تهددهم تلك المدارس بالحرمان من التقدم لـ»التوجيهي».
ويحدث أن تقوم البنوك بجر أي مدين متعثر إلى القضاء والحجز على سيارته ومنزله وحتى أطفاله. ويحدث أن تلجأ جامعة خاصة إلى منع تخرج بعض الطلبة وحجز شهاداتهم لوجود مستحقات مالية.
ويحدث أن تقوم شركات الاتصالات بإصدار حكم قضائي بمنعك من السفر بسبب فاتورة لا تعرف عنها وعليك دفعها دون نقاش.
ويحدث أن يقوم «كونترول» باص «الكوستر» بتعليب 40 مواطنا في باص يتسع لـ24 راكب، وأن يتأمر عليهم بالجلوس أو الوقوف في الوضعية التي يراها مناسبة.
ويحدث أن توقف تكسي طلب فيمد السائق رأسه من الشباك ويسأل: «وين بدك»، وإذا لم يعجبه المكان يخنقك برائحة البنزين المنبعث من «اكزوزت» مهترئ وهو ينطلق بسرعة هربا منك.
ويحدث أن يعاملك صاحب البقالة والمخبز والملحمة والمعجنات و»الخضرجي» وبائع الملابس الجاهزة ومصلح الأحذية والملابس ومطعم الحمص والفول والفلافل، كما لو كنت متسولا على بابهم، يعاملونك بجلافة ونرفزة وتنمر.
ويحدث الكثير، فأنت عزيزي المواطن مجرد موطن عادي، أدة طيعة في خدمتهم وفي خدمة مصالحهم بلا غطاء قانوني أو أخلاقي. هم في الواقع يعاملونك بنفس الطريقة التي تعاملك فيها الحكومة، بازدراء واستهبال واستغلال وبيعك الوهم معلبا ومغلفا بورق السلفان.
لذلك عزيزي المواطن العادي الذي ينشد الحرية والاستقرار والحياة الطيبة الكريمة،
لا تندهش كثيرا فهم يحددون لك أجندتك اليومية، ويقنعونك بأنك تمارس حقك في الرقابة والنشر والتعليق، ينتهي دورك بعد أن تنفجر الفقاعة التي وضعوك بها.
عليك أن تنسى تماما عبارة جون جلاسورتي: «أصدق مقياس للديمقراطية هو مدى الحرية التى يتمتع بها أفقر المواطنين». فهي لم تكتب لك، صدقني، لم تكتب لك.
(2)
نوع من الفضول فقط، وليس الحسد والله، ما هي نوعية التقارير التي كتبها بعض الكتاب والصحفيين حتى تقوم الحكومات على اختلاف مسمياتها بتعيينهم في عدة وظائف في نفس الوقت (مستشار، مقدم برامج، مدير عام، رئيس تحرير، مدير تحرير، كاتب، مواقع إلكترونية، عضو مجلس إدارة ..إلخ) وتوفير فرص عمل لهم برواتب ومكافآت كبيرة، وإجراء تنقلات بينهم كما لو كانوا «عهدة» عليها، بينما يعاني نصف أعضاء الهيئة العامة لنقابة الصحفيين ورابطة الكتاب من البطالة أو من قلة الدخل أو غياب الفرص!
سيقول لك أحدهم إن التعيين تقدير لهم على دورهم في الدفاع عن الدولة!
حسنا، سؤال: أين دافعوا عن الدولة، في أي محافل دولية وعالمية، هل نشرت مقالاتهم ودراساتهم وتحليلاتهم مثلا في «النيويورك تايمز» أو»الواشنطن بوست « أو «الإندبندنت» او «لوموند» و»فورن أفيرز»؟ هل واصلوا الظهور بشراسة على «سي أن أن» و»فرنسا 24» و»بي بي سي» أو أية مؤسسات إعلامية عربية مؤثرة للدفاع عن الدولة؟
أبعد مكان وصل إليه تأثير بعضهم أكشاك وسط البلد، والبعض لم يقرأ له سوى المدقق اللغوي والمحرر المسؤول عن نشر المقال! كتاباتهم وأصواتهم كانت استكمالا لمعارك دون كيخوتي ضد طواحين الهواء!
مارسوا على المواطن أكبر عملية تضليل وتزييف للوعي في تاريخ بلدنا، والنتيجة أن المواطن فقد الثقة بالحكومة وبجميع مؤسساتها الإعلامية وبجميع أجهزتها وبدأ يبحث عن الحقيقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والبث المباشر وحديث المجالس والصالونات السياسية!

اكتب تعليقك على المقال :