شدد الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة (حماس) الأخ المجاهد خالد مشعل على أن اللحظة التاريخية تعمل لصالح الفلسطينيين، مفنداً عدداً من العوامل الدالة على ذلك. ودعا إلى تغيير عمل السلطة إن لم يجر التوافق على حلها. كلام مشعل جاء خلال استضافته من قبل منتدى التفكير العربي في لندن اليوم الأربعاء 1/7/2020.
وقال مشعل في بداية الحديث “نخشى أن يكون هذا الانقسام الأميركي الإسرائيلي المعلن (حول الضم) دعوة للاسترخاء أو الخديعة. ما جرى في الأيام الماضية ليست محاولة أميركية لثني الكيان الصهيوني عن الضم، فأساس المصيبة جاء من واشنطن وبصياغة إسرائيلية، من إعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني وصفقة القرن. هذه خديعة أميركية إسرائيلية لا تستهدف إلغاء الضم، ولا التغيير في جوهره، ولكن كيفية الإقرار عبر تكتيك مضلل”. أضاف “ليس هناك خلاف على الجوهر بين نتنياهو وغانتس الذي أعلن أنه مع الضم في حملته الانتخابية بل خلاف تكتيكي”.
واعتبر أن “اللحظة الفلسطينية مثقلة بالتحديات والمخاطر التي يراد من خلالها تصفية القضية الفلسطينية، لكنها في ثناياها تحمل فرصاً واعدة، هكذا هي الحياة. وأصحاب المشاريع الكبرى يستطيعون قراءة الواقع قراءة واقعية وليس رغائبية، لكن بإيمانهم بعدالة قضيتهم، وثقتهم بأنفسهم بعد ربهم يستطيعون تلمس الفرص الكامنة”.
ولخص التحديات بثلاثة أمور “تسارع المشاريع الأميركية الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية. غياب الفعل الفلسطيني المؤثر في ظل هذا الانقسام. وفي ظل غياب القيادة الفلسطينية الواعية التي تملك الرؤية، وأدوات الفعل المؤثر، وتملك القدرة والجاهزية للمخاطرة من أجل القضية الفلسطينية. لأن الرتابة لا تصلح للقيادات. أما التحدي الثالث فهو ما أصاب حاضنتنا العربية والإسلامية من اختلال”.
وتابع مشعل “إن رفض السلطة لصفقة القرن لم يتحول إلى طاقة فعل، وإلى تحشيد الشعب الفلسطيني حول رؤية. وحماس جاهزة، وقدمت مبادرات عديدة، من بينها مبادرة الأخ أبو العبد هنية في محاولة لجمع الأمناء العامين لوضع استراتيجية. الكل الفلسطيني جاهز أن يحتشد في مواجهة صفقة القرن ومشروع ضم الضفة الغربية. ويجب أن تبادر القيادة الفلسطينية في رام الله إلى خطوة جريئة. وهذه فرصة أمامنا، رغم الخطر. فرصة أن نوحد الصف الفلسطيني. فرصة أن نطلق مواجهة مع الاحتلال، ونشتبك معه على كل الصعد. فرصة استنزاف (إسرائيل)، وإعادة تصويب القضية الفلسطينية، وملاحقة الكيان الصهيوني، ونزع عنه الشرعية على المستوى الدولي”.
وأشار إلى أن “هدف الصهاينة شرعنة الاحتلال بغطاء مزيف، حشر الفلسطينيين في أضيق مساحة من الأرض الفلسطينية، وخلق أزمات إضافية. والسطو على العناوين الأساسية للقضية الفلسطينية. تحرير الأرض، عودة اللاجئين، تحرير القدس، إضافة إلى تحرير الأسرى، هي أهم العناوين والرمزيات والمكونات الأساسية للقضية الفلسطينية. ومن يريد تحقيق ذلك فلا بد من معركة تحرير”.
معتبراً أن “هناك فرقاً بين مشروع تسوية، خاطئ في ذاته، وفي طريقة إدارته، وبين مشروع المقاومة الذي تجتمع عليه جماهير الشعب وقواه منذ مائة عام. نعم المقاومة محاصرة في غزة، لكنها عظيمة، وهي تفوقت على نفسها. أمس أطلقت أكثر من 20 صاروخاً، وصلت إلى مدى حوالي 200 كلم. فهذه إبداعات المقاومة رغم حصارها. الخيار كيف نعزز المقاومة ونحميها. وأرى مجموعة من الخطوات نستطيع أن نفعلها بكل شجاعة: أولاً: أخذ قرار المواجهة. ونحول الرفض إلى حالة فعل. ثانياً: نريد تحويل القرارات التي أُخذت في السنوات الماضية إلى فعل حقيقي، مثل وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني، وقف العمل باتفاقية باريس. وبذلك نعطي المصداقية للقيادة. ثالثاً: نضع برنامجاً تفصيلياً تنخرط به كل فصائل وقوى المقاومة، وكل قطاعات شعبنا”.
وفصّل في “هذا البرنامج الذي تشترك فيه الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948 وغزة والشتات. ولنذهب أيضاً للمقاومة الشعبية. لنذهب إلى غور الأردن ونقيم هناك الخيام، ونشتبك مع الجنود الذين فُرزوا لعملية الضم. وتحويل الغور والضفة إلى أرض استنزاف للاحتلال. أطالب إخواني في رام الله والفصائل أن ينخرطوا في هذا البرنامج. وكذلك في غزة هناك إمكانية للعمل من مسيرات عودة وغيرها. والشتات وما شهدناه اليوم في لبنان والأردن. ويمكن مسيرات واعتصامات عند السفارات والقنصليات الإسرائيلية في العالم. أيضاً المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، النقابات الفلسطينية، الشعب الفلسطيني لديه مخزون عظيم، وطاقة هائلة، وهو شعب البطولات، ويحتاج إلى قيادة تستخرج هذا المخزون، وتفجره بوجه هذا الاحتلال”.
وقال “نحن نملك شعباً عظيماً لم ينكسر أو يستسلم، يقاتل منذ مائة عام، ولديه تجربة غير متوافرة لشعب آخر في العالم. ونملك مقاومة عظيمة، نُحتت من الصخر، فوالله تجربة المقاومة في غزة وكيف صنّعت سلاحها تُدرّس على مدى التاريخ. نملك أمّة لم تنس فلسطين. ولدينا ساحة دولية بدأت تتململ من وقاحة الاحتلال الإسرائيلي. تاريخياً موازين القوى لم تكن يوماً لصالح الشعوب التي تسعى للتحرير. نعم نقرأ موازين القوى ونعمل على تعديلها. هل كانت غزة أقوى من (إسرائيل) عندما أجبرنا شارون على الانسحاب منها؟”.
وقال إن محاولات التطبيع البائسة “قديمة، لكنها كانت مبعثرة، أما اليوم فهي معزولة، لكنها موجّهة. والبعض رآها مدخلاً لحل أزماته الداخلية على حساب الحق الفلسطيني. كان العرب يضحون من أجل فلسطين، بعض العرب اليوم يريد أن يضحي بفلسطين من أجل أجندته الخاصة. رغم ذلك فإن الخير بالأمّة كثير. انظروا إلى لجان مقاومة التطبيع في العالم العربي، والرياضيين، والنقابيين. هناك سجل شرف كبير في الأمّة”.
ووجه حديثه للأمة فقال “رغم تفهمنا لجراحها: حذاري أن تظنوا أن الخطر الإسرائيلي ليس قريباً منكم. ونؤكد أن الكيان الصهيوني كان أحد العوامل التي أطالت جراحكم ومعاناتكم. كما نقول للأمة لا تنشغلوا بالتقسيمات الطائفية والعرقية وغيرها. هناك محطات كثيرة أثبتت على استقرار فلسطين في ضمير الأمّة وضمير العالم”.
أضاف “والله (إسرائيل) تعدّ أيامها، هي تنكمش جغرافياً، فقد انسحبت من غزة، وتعيش خلف الجدار. المقاومة رغم حصارها تنجح، وتصنّع، وتتقدم. وصمود شعبنا كشف الوجه القبيح للاحتلال. هناك مقاطعة لبضائع المستوطنات في العالم”.
ومما قاله “إن لم نتفق على حل السلطة، يجب أن نتفق على تغيير وظيفة السلطة. وهذا سيقود لمواجهة مع الاحتلال الذي يرفض وجود سلطة ترفض التنسيق ولا تخضع له. وهذا جيد فلنشتبك مع الاحتلال. النظام السياسي الفلسطيني بحاجة إلى شراكة لتحقيق الأهداف الوطنية”.
وحول البرنامج الفلسطيني قال “في أواخر الستينيات ورغم كل شيء كان هناك ثلاثة عوامل: توافق على تعريف الثوابت الفلسطينية، وجود مؤسسات وصورة ديمقراطية معقولة، وجود برنامج نضالي كفاحي لم يختلف عليه الناس. وهذه العوامل التي يجب أن نضعها على الطاولة من أجل بناء المشروع الوطني”.
وخلص الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة (حماس) “اللحظة التاريخية لصالحنا، وسننتصر، وسنعيش أعزّاء. متفائل، وواثق، ولدينا روح لا تموت، وإرادة لا تنكسر. لا نعيش أوهاماً، بل نعيش واقعاً، ندفع أثمانه، وسنظل ندفع أثماناً حتى تحقيق النصر، ويا محلى الشهادة إذا كانت من أجل فلسطين والقدس