وقد كتب المرحوم الدكتور محمد عمارة بحثا عنوانه: (مشروع نهضة الأمة في فكر الإمام الشهيد حسن البنا). تناول فيه أهم معالم المشروع الإصلاحي في فكر الإمام البنا، حيث ذكر الدكتور عمارة أن سنة 1347هـ / 1928م كانت سنة “اللحظة التاريخية” التي مثلت “التطور النوعي” لإنجاز الشيخ حسن البنا في سياق تطور المشروع الإسلامي للنهضة الحضارية، وتجديد دنيا المسلمين بتجديد دين الإسلام، حيث أدرك فيها هذا الرجل أن تصاعدالتحديات، وثغرات الأخلاق، وعموم البلوى، إنما تتطلب الانتقال بالقضية من إطار الصفوة والنخبة – التي كانت عليه منذ(العروة الوثقى) وحتى (الشبان المسلمين) – إلى الدائرة التي تشترك فيها “الأمة” مع “النخبة”، وإلى المستوى الذي تسهم فيه “الجماهير” مع “الصفوة” في
مواجهة التحديات.
وفي بحثه ألقى المرحوم الدكتور محمد عمارة بعض الإضاءات السريعة على معالم المشروع التجديدي للنهضة الحضارية الإسلامية، كما صاغه الإمام البنا لحركة الصحوة الإسلامية المعاصرة، ممثلة في (جماعة الإخوان المسلمين)، مؤكدا تميز الحركة عن المؤسسات الدينية التقليدية التي من وجهة نظره كانت ولا تزال واقفة عند “المتون” و”الحواشي” و”التعليقات” و”الاعتراضات” التي أفرزها عصر التراجع الحضاري –المملوكي، العثماني- والتي أقامت شبه قطيعة معرفية مع عصر الازدهار والإبداع في تاريخنا الحضاري، واتخذت موقفا غير ودي من إبداعات العصر الحديث في التجديد والإحياء؛ ولذلك أعلن حسن البنا أن جماعته هي: دعوة من دعوات التجديد لحياة الأمم والشعوب، وأنها لذلك جامعة لأصول التجديد ولمعالمه، ومستجيبة لملكات الإنسان، وملبية لشرائح الأمة ومكوناتها، وأيضا مراعية لمستوى الجماهير؛ فهي: “دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، و اربطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية”.