الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يتلقى فيها المسلم قيمه و أخلاقه ، لهذا فإن الأسرة هي المخزون الاستراتيجي الذي به تقوى الأمة و يتماسك المجتمع لأنها اللبنة الأولى في هذا المجتمع ، فالأسرة هي الحلقة الوسطى بين الفرد و المجتمع ، و بصلاحها ينصلح ما قبلها “الفرد” و ما بعدها “المجتمع” . و المتابع لأحوال الأسرة في مجتمعاتنا يجد أنه قد أصابها الكثير من الأمراض التي ينبغي معالجتها و الوقاية منها .
من مشاكل الأسرة:
1. ارتفاع معدلات الطلاق عند حديثي الزواج : غالبا ما يكون السبب في ذلك اختلافات في البناء القيمي بين الزوجين مما يستلزم مراجعة وضع هذا البناء القيمي عند الزوجين بالنسبة لمنهج الإسلام لضمان تأسيس العلاقة و استمرارها على قواعد سليمة متفق عليها .
2. ضعف التواصل بين أفراد الأسرة : لانشغال أحد الوالدين أو كليهما في طلب الرزق مما يقتضي قضاء معظم الوقت خارج المنزل ، فأصبح الأبناء يتلقون القيم ممن يخالطون من الأصحاب و الأقران مما أدى إلى ضعف البناء الأخلاقي و القيمي عند الجيل الجديد . و قد أصاب هذا الداء معظم البيوت إلا من رحم ربي ، حتى بيوت الدعاة بدأت تعاني خلافات حادة بين الآباء و الأبناء تظهر واضحة عندما يصل الأبناء إلى مرحلة المراهقة .
3. اضطراب الحالة الإيمانية لكثير من الأسر : إن الحالة الإيمانية لأفراد الأسرة تؤثر كثيرا على مستوى التفاهم و التناغم بينهم ، فالرباط بين الزوجين في الواقع هو رباط إيماني قوامه المودة و الرحمة . قال تعالى : ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” (سورة الروم – 21) . و الإيمان يزيد و ينقص ، يزيد بالطاعات و بالارتباط و الالتزام بمنهج الله و يقل بالمعاصي و البعد عن هذا المنهج ، لهذا كان الرجل الصالح يقول : إني لأعرف منزلتي عند ربي من خلق زوجتي و خلق دابتي . فزيادة الإيمان و استقرار الحالة الإيمانية في مستوى مرتفع بلا شك من أهم دعائم استقرار الأسرة .
و فيما يلي بعض الأنشطة المقترحة التي تحقق وقاية الأسرة من هذه المشكلات و تدعم الترابط بين أفرادها لتتمكن من تحقيق رسالتها :
البرامج العشر لسعادة الأسرة:
هذه مجموعة من الأنشطة المجربة لنأخذ منها ما يناسب أسرة كل منا و ما يمكن تنفيذه لدعم التواصل و زيادة الإيمان و توفير مناخ صحي لتربية الأبناء ، و يفضل تحديد مسئول من أفراد الأسرة عن كل نشاط من الأنشطة ؛ للتدريب على القيادة و تحمل المسئولية .
1. مجلس لتدبر القرآن مرة كل أسبوع : حيث يجتمع أفراد الأسرة في وقت يناسب الجميع على أن يتفرغ كل منهم تماما لهذا اللقاء الذي يجتمعون فيه لتدبر مجموعة من الآيات في كتاب الله ، فتنزل عليهم السكينة و تغشاهم الرحمة و تحفهم الملائكة و يذكرهم الله فيمن عنده ، ثم يقوم أفراد الأسرة و قد غفر لهم ما تقدم من ذنوبهم . ما أجمل أن يستخلص الجميع بعض الواجبات العملية و أن يتعاهدوا على الالتزام السلوكي بما توحي به الآيات و أن يتم الحوار و المناقشة حول المعاني القرآنية ، و مع الحوار الهادئ يتم تصحيح المفاهيم المغلوطة ، و إشاعة الحب و التفاهم و تقبل آراء المخالفين .
2. مشروع حفظ القرآن الكريم : و نقترح أن يتفق الجميع على حفظ آية واحدة من كتاب الله تعالى في كل يوم . و لا تتعجب فبعد زمن قصير سيكون حظ كل فرد من أفراد الأسرة عظيما من حفظ آيات الكتاب العزيز و المهم أن يتواصى أفراد الأسرة بالتنفيذ العملي لما تدعو إليه الآية .
3. حفظ أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم : نختار حديثا من الأربعين النووية ، يكتب الحديث على سبورة في مكان يراه الجميع ، و يترك لمدة أسبوع كامل و لا يرفع الحديث إلا بعد أن يقوم الجميع بتسميعه .
4. مكتبة البيت : تحتوي على كتب تناسب جميع المستويات و الأعمار . تحتوي على بعض الأشرطة و CDs التي تحتوي على الدروس العلمية و الدينية لمشاهير الدعاة . الاشتراك في المجلات الدورية ذات الطابع الإسلامي .
5. المسابقات : في جلسات السمر بين أفراد الأسرة ، و في الرحلات الخلوية التي تجتمع فيها الأسرة . و جو المسابقات يؤلف القلوب و يشيع البهجة ، و هي من أسهل الطرق لتوصيل المعلوممات و تصحيح المفاهيم . يمكن الاستعانة ببعض كتب المسابقات لاختيار ما يناسب الأفراد . و يمكن عقد مسابقة بين الأبناء في تلخيص أحد الأشرطة لأحد العلماء و عرضه على أفراد الأسرة بأسلوب سهل مع مناقشة بعض الأفكار فيه .
6. الحرص على السكن بجوار المساجد : ليسمع أهل البيت الآذان و الخطب ، و ليشاركوا في الأنشطة الدعوية و الاجتماعية التي تقام فيه . و حث الأبناء على الصلاة في المسجد و المسارعة إلى الصف الأول و التبكير في صلاة الجمعة ، و حث البنات على الصلاة فور سماع الآذان . و اصطحاب الأبناء للإعتكاف في الليالي العشر الأخيرة من رمضان .
7. صيام النوافل: كصيام الإثنين و الخميس ، و ثلاثة أيام في كل شهر ، و التاسع و العاشر من المحرم ، و يوم عرفة ، و ستة أيام من شوال .
8. السفر التعبدي: للمسجد الحرام بمكة ، و مسجد النبي صلى الله عليه و سلم في المدينة .
9. تدريب الأبناء على: إكرام الضيف ، و الإحسان إلى الجار ، و صلة الرحم ، و المشاركة في تشييع الجنائز ، و عيادة المريض ، و المساهمة في صندوق لدعم القضية الفلسطينية ، و التصدق بكل ما هو نافع كالتبرع بالملابس المستعملة و المشاركة في المعارض الخيرية . و كذلك حثهم على التعاون على ترتيب و تنظيم و نظافة المنزل .
10. متابعة الأبناء في التزامهم بالأذكار: أذكار الصباح و المساء ، و أذكار الأحوال كأذكار الطعام و النوم ، و دخول البيت و الخروج منه ، و دخول الخلاء ، الخ . و يمكن تعيين مسئول لأذكار الصباح و آخر لأذكار المساء ، على أن يكون دوره تذكير أهل المنزل بموعد الأذكار و جلوسه مع من تواجد منهم لأدائها .