في منزلها بمدينة كنجة الأذربيجانية تحتفظ إلنارا طاغييفا بمقتنيات عدد من شهداء بلادها الذين قتلوا على أيدي القوات الأرمينية.
وحولت طاغييفا منزلها إلى متحف خاص بمقتنيات الشهداء لتكون شاهدا على همجية القوات الأرمينية وفق ما تقول للأناضول.
وفي 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلق الجيش الأذربيجاني عملية لتحرير أراضيه المحتلة في إقليم “قره باغ”، وذلك عقب هجوم شنه الجيش الأرميني على مناطق مأهولة مدنية.
وفي 10 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ينص على استعادة باكو السيطرة على محافظات محتلة منذ زمن قبل نهاية العام الحالي.
** متحف “شجعان قره باغ”
يضم منزل طاغييفا الذي أطلقت عليه متحف “أبطال قره باغ” متعلقات ما يقرب من 500 جندي من شهداء ومصابي قره باغ.
وتقول طاغييفا، إنها تزور عائلات شهداء ومصابي قره باغ منذ 28 عاما، وتجمع متعلقات وصور خاصة وحصلت حتى الآن على متعلقات تعود لما يقرب من 500 جندي.
وتضيف أنها شاهدت جميع المدن (الأذربيجانية) باستثناء ثلاث، حتى أنها زارت قرى لا تحتوي سوى على خمسة منازل فقط.
وتردف طاغييفا، أن أول ما وضعته في متحف (أبطال قره باغ) هو سجائر البطل القومي الأذربيجاني يوسف ميرزاييف.
وميرزاييف هو أحد الأبطال القوميين في أذربيجان، ولد عام 1958 في منطقة باباك، وانضم للحركة الشعبية في أذربيجان عام 1988، واعتقل وتعرض للتعذيب عقب مذبحة 20 يناير/ كانون الثاني من نفس العام.
وذاع صيت ميرزاييف بمهارته وشجاعته في القتال خاصة في خرب أغدارا قبل أن يستشهد عام 1993 أثناء قتاله وهو مصاب، لفك الحصار عن مدينة أغدارا.
** فكرة إنشاء المتحف
وعن فكرة إنشاء المتحف تقول طاغييفا، إنها بدأت في جمع متعلقات الشهداء “لتخليد ذكراهم”، مشيرة إلى أن “بعض الجنود كانوا يذهبون للحرب دون أن يعودوا أو حتى يسمع أحد أي خبر عنهم”.
وتضيف: “خصصت إحدى الغرف بمنزلي لجمع متعلقات الشهداء بعد الحصول عليها من ذويهم، والآن أصبح هناك ثلاث غرف بالمنزل مليئة بمقتنيات الشهداء”.
** محتويات برائحة الشهداء
وتعرض طاغييفا في متحفها، وفق ما تقول، “العديد من الأشياء كالوردة التي قدمها الشهيد علوي ميميدوف لعروسه في حفل زفافهما”.
كما يضم المتحف، بحسب طاغييفا، “متعلقات بعشرات الشهيدات من النساء مثل قاراتل حاجي محمودوفا التي تناولت السم حتى لا تقع في الأسر”.
وتوضح طاغييفا، أنها “تذهب إلى منازل ذوي الشهداء والمحاربين منذ عام 1992 للحصول على بعض مقتنيات أبنائهم”.
وتروي موقفا بأنها عندما ذهبت إلى منزل والدة أحد الشهداء قالت لها “طالما أتيتِ إلى باب منزلنا وقلبك مفعم بالحبلابني، فهو لم يمت بعد”.
وتقول طاغييفا: “تأثرت كثيرا بكلام والدة الشهيد وهو ما يجعلني مدينة لكل عائلات الشهداء”.
** في كل قطعة دموع أسرة
ملابس الشهداء من بين المتعلقات التي تبرعت بها أسرهم وعائلات المحاربين.
وتقول طاغييفا حول منحها هذه المقتنيات “إن جميعها مستلزمات ذات قيمة، ففي كل قطعة منها دموع أسرة”.
وتضيف أن “ذوي الشهداء يحتفظون مقتنيات أبنائهم منذ عشرين عاما وفق ما أبلغوني”.
وتردف طاغييفا: “أنا أقول لهم إن لم أستطع أن أحافظ عليها مثلكم، فعلى الأقل سأعمل على الحيلولة دون تلفها”.
وتشير إلى أنه رغم أنه لم يعد لديها مساحة على جدران منزلها لوضع مقتنيات الشهداء، إلا أنها تريد عرض متعلقات شهداء الاشتباكات الأخيرة.
وتقول طاغييفا: “ذهبنا إلى مدافن الشهداء الجدد وتحدثنا مع عائلاتهم، وسنبدأ في جمع متعلقاتهم التي تركوها خلفهم”.
** نقل المتحف
وتلفت طاغييفا والدمع يملأ عينيها، إلى أن كل قطعة من مقتنيات الشهداء التي جمعتها في بيتها لها قصة وحكاية.
وتستطرد: “خرجنا من منزل كل شهيد زرناه بألم يعتصر قلوب أسرته. فكل عائلة لها ذكرياتها مع ابنها العزيز الذي عاش واستشهد بشرف”.
وتشير طاغييفا، إلى أن أشقاءها وأبنائهم يساعدوها للوصول إلى أسر الشهداء لزيارتهم والحصول على المقتنيات، كما أنهم يقومون بتنظيف المتحف دائما.
وحول مستقبل المتحف بعد زخمه بمقتنيات الشهداء تقول طاغييفا: “أريد أن يستمر المتحف في هذا المنزل، فلا أتحمل نقله إلى أي مكان، ولكني أرغب في الوقت نفسه بتوسيعه”.
وتتمنى طاغييفا ألا يقع المزيد من الشهداء خاصة بعد انتهاء الحرب، معربة عن سعادتها لأنها شهدت تحرير قره باغ.
الأناضول