إنه الحريق الثاني في أقل من أسبوعين، إذ اشتعلت مصفاة النفط التي تديرها شركة BZN في الكيان الإسرائيلي يوم 15 يونيو/حزيران من الشهر الحالي؛ ليعود الكيان ويعلن فجر اليوم الأحد عن حريق هائل في إحدى المنشآت التي تحوي مواد خطرة.
هل تعرض الميناء لهجمات بطائرات مسيرة، أو صواريخ كروز موجهة؛ أسوة بما حدث في حقول الغاز التي تملكها (شركة دانة الإماراتية) في العراق قبل ساعات؟ أم أنها توربينات قادمة من البحر؟ أم عملية خاصة تم خلالها زراعة ألغام ومتفجرات بالمنشآت التي يديرها الكيان الإسرائيلي وشركاته في فلسطين المحتلة عام 48.
يصعب التكهن بأسباب الحريق في ميناء حيفا في ظل الظروف السياسية والأمنية في الإقليم، والتي تسارعت قبيل زيارة بايدن للمنطقة وعقده قمة في (جدة)، فهل الحريق عائد لأسباب فنية بحتة؟ أم أنها هجمات يصعب الاعتراف بها خوفاً من الإحراج وإلزامية الرد؟
فالحرائق جاءت بعد أسابيع قليلة من تهديدات رئيس الأركان أفيف كوخافي بتدمير لبنان مدعياً وجود أكثر من 3000 هدف داخل الأراضي اللبنانية، وبعد أيام معدودة من تصريحات مماثلة لوزير الحرب الاسرائيلي بيني غانتس الذي ادعى أن جيش الاحتلال قادر على تكرار ما فعله في حرب تموز عام 1982 باجتياح المدن والقرى اللبنانية في حال تعرض الكيان لهجمات وتهديدات من الأراضي اللبنانية.
لا تتوقف المصادفات عند حدود التصريحات، فالحريق هذه المرة جاء بعد ساعات قليلة على اختتام الاجتماع الاستراتيجي العملياتي بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) (الخميس الماضي).
الاجتماع الذي ركز على “لعبة حرب” مشتركة نوقشت فيها التحديات الأمنية للجيشين في المنطقة، والتحضير العملياتي المشترك لسيناريوهات التصعيد الإقليمي، وفرص توسيع التعاون العملياتي؛ انتهى بقيام الوفد الأمريكي بجولة في المنطقة الحدودية مع لبنان، حيث أقام الحاجز الجديد في إطار برنامج “الدرع الشمالي”.
بحسب ما نشر موقع جيش الاحتلال على حسابة في “تويتر”؛ تم إجراء مراجعات استراتيجية واستخباراتية من قبل كبار المسؤولين في كلا الجيشين (الأميركي والإسرائيلي).
استمر الاجتماع ثلاثة أيام بحسب بيان جيش الاحتلال، بمشاركة نائب قائد سنتكوم الأميرال جيمس مالفي، وقائد سلاح الجو في سنتكوم الجنرال غريغوري جيلي، الذي سيتولى منصبه كنائب قائد سنتكوم، وأميرال الأسطول الخامس براد كوبر، ومسؤولين كبار آخرين، مع نائب رئيس الأركان في جيش الاحتلال اللواء هرتسلي هاليفي، ورئيس قسم العمليات اللواء عوديد باسيوك، ورئيس الاستراتيجية والدائرة الثالثة الفرقة اللواء تال كالمان، وقائد القوات الجوية اللواء ديفيد سار سلمى، والملحق العسكري الأمريكي اللواء هيدي زيلبرمان.
أسماء كبيرة تناقش العمليات العسكرية شمال فلسطين بالقرب من الحدود اللبنانية؛ ليس بعيداً عن ميناء حيفا المفضل للأسطول السادس الأمريكي للزيارة والرسو والتموين اللوجستي.
إحراج كبير سيتسبب به الهجوم في حال حدوثه على الميناء الذي يفترض خضوعه لمظلة القبة الحديدية والدرع الشمالي البائسة؛ التي عاينها كبار جنرالات الجيش الأمريكي قبل ساعات قليلة.
المعطيات تشير إلى صعوبة الاعتراف بعملية عسكرية في الميناء في ظل الرغبة الاسرائيلية بتسويق نفسها كحليف موثوق في المنطقة، وفي ظل توعد قادتها برد مدمر يطال كل من سوريا ولبنان؛ أمر من الصعوبة تصور حدوثه في ظل الانقسام والانهيار السياسي الذي طال شخص رئيس هيئة الأركان الذي سيخلف كوخافي المنتهية ولايته في كانون الثاني 2023.
فالأحزاب الإسرائيلية تتصارع لتأجيل تعيين رئيس أركان جديد إلى حين الانتهاء من الانتخابات الخامسة خلال أربع سنوات، والمزمع عقدها في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
ما الذي يحدث في حيفا؟ هل هو اختبار أمني وعسكري انتهى بفشل إسرائيلي ذريع؟ أم أنه مجرد حادث عرضي وحريق بسيط تمت السيطرة عليه؟ لا أحد يعلم الإجابة، وقادة الكيان في صمت انتخابي يسبق حل الكنيست.