لا تتوقف حكومة الاحتلال الصهيوني للحظة عن خططها العنصرية ومحاولاتها الخطيرة والممنهجة، للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك، والترويج لفكرة بناء “الهيكل” المزعوم مكانه.
وفي خطوة خطيرة تستهدف عمق المسجد الأقصى، كشفت مصادر عن مخطط يُروَّج له في بعض المحافل والأوساط السياسية والدينية الصهيونية، باعتباره مخططًا معتدلًا لتقسيم المسجد الأقصى دون هدم مبانٍ، ويمكن اعتماده “كحلٍّ وسط لبناء الهيكل” دون هدم قبة الصخرة المشرفة، التي تُعدّ بؤرة ذلك “الهيكل” ومركزه.
وحسب المصادر، فإن هذا المخطط يدعو إلى بناء “الهيكل” شمال صحن قبة الصخرة مع الإبقاء عليها للمسلمين دون هدمها.
ويقتطع المخطط الساحة الشمالية بالكامل لإقامة البناء بشكل مستطيل (شرق غرب)، حسب البوابة السفلية الموازية لباب الرحمة، بحيث يتم اقتطاع أكثر من ثلث مساحة الأقصى في المرحلة الأُولى من الاحتلال والسيطرة، ليبقى المسجد القبلي وقبة الصخرة دون أي تغيُّر.
وتدعم المخطط شريحة كبيرة من الإنجيليين المتصهينين، وتدعو علنًا إلى الشروع بتنفيذه بصورة متدرجة وغير صاخبة بالتنسيق مع من يسمونهم المعتدلين من العرب الذين يتفقون على التطبيع والشراكة والتسامح الديني، على حد زعمهم.
تقسيم الأقصى
المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول لوكالة “صفا” إن هذا المخطط قديم جديد وُضع منذ الثمانيات، وتم تعديله أكثر من مرة، يهدف لاقتطاع جزء كبير من شمال صحن قبة الصخرة، باتجاه السور الشرقي للأقصى عند باب الرحمة وصولًا لباب حطة ومدخل باب الأسباط.
ويوضح أن هذا المخطط تم تجميده في السابق، لكن عاد طرحه للواجهة من جديد في ظل ما يسمى “صفقة القرن”، والاستعدادات الصهيونية لإقامة “الهيكل” المزعوم، ما يعد خطوة أولى نحو تقسيم الأقصى والانقضاض على ما تبقى منه.
ويحاول الاحتلال من خلال نشر هذا المخطط، جس نبض الشارع الفلسطيني ومعرفة ردة فعل الأمة العربية والإسلامية، تمهيدًا لتنفيذه، خاصة في ظل استمرار المساعي اليهودية المتطرفة لفرض واقع جديد على الأقصى.
وطرح المخطط الصهيوني يمثل “بالونات في الهواء”، هكذا وصفه أبو دياب، قائلًا: “الاحتلال يحاول بكل الطرق أن يناور ويراوغ لإثبات موطئ قدم داخل الأقصى، لكنه لا يستطيع إثبات أي أحقية لليهود فيه، ولا نقبل التنازل أو أي شراكة لأحد فيه”.
ويبين أبو دياب أنه وفقًا للمخطط، سيتم الاستيلاء على ثلث مساحة الأقصى في المرحلة الأولى، وتحويلها لكنس وساحات يهودية لإقامة طقوسهم وصلواتهم التلمودية فيها.
وينبه إلى خطورة المخطط الصهيوني على الأقصى، مؤكدًا في الوقت نفسه أنه لن يمر بأي حال من الأحوال، وأننا سنقف أمام أي محاولات للقضاء على أول القبلتين.
ومنذ بدء عام 2020، قفر الاحتلال قفزة خطيرة جدًا في استهدافه للأقصى، وأخذ يطرح سيناريوهات ومخططات جديدة تستهدف هذه المرة عمقه، ما يدلل بشكل واضح على أن الاحتلال يسعى لتقسيمه مكانيًا. يقول نائب مدير عام أوقاف القدس ناجح بكيرات
ويضيف بكيرات “دائمًا ما كان الاحتلال يطرح مشاريعه التهويدية في منطقة باب الرحمة وساحة البراق، لكن اليوم يطرحها داخل الأقصى، وكأنه اقترب من تنفيذ شيء خطير بداخله”.
ويشير إلى أن الاحتلال سخر كل القوى العالمية والمحلية الصهيونية من أجل الوصول إلى تهويد الأقصى، وقد استفاد منها بشكل مباشر، مستغلًا الوضع العربي المطبع، وقرارات ترمب والوضع الٌإقليمي المتردي.
ويخطط الاحتلال بشكل حثيث ومتسارع إلى تقسيم الأقصى مكانيًا، مثل ما جرى في الحرم الإبراهيمي بالخليل، وفق بكيرات
ووفق المخطط الصهيوني، “تبدأ عملية تنفيذه على المسجد الأقصى بتهيئة باب الرحمة من الخارج لافتتاحه، ثم وضع “مذبح الهيكل” في قبة الأرواح، ثم إحاطة القبة لاحقًا بخيمة، وعزلها بسور خفيف عن غير اليهود، وتوسعة السور ليضم شمالي صحن الصخرة حتى باب الرحمة، ومن ثم فتح الباب، ثم الشروع بالبناء الفعلي”.
وبناءً على الخريطة المرفقة، يمتد “الهيكل” المزعوم من غربي “قبة الأرواح” باتجاه باب الرحمة شرقًا، حيث تقع قبة الصخرة مقابل باب الرحمة تمامًا، وهناك ادعاء بأن “المشناة” تصف موضع قدس الأقداس في “الهيكل الأول” بأنه كان قبالة باب الرحمة.
ويفترض المخطط ضرورة فتح باب الرحمة كممر رئيس لليهود نحو “الهيكل”، بحيث يكون الدخول والخروج شرق غرب من وإلى هذا “الهيكل” بارتباط بنفق حائط البراق وباب المغاربة.
مخطط خطير
ويصف بكيرات مخطط الاحتلال بأنه خطير للغاية، ويهدف إلى عزل جزء كبير من مساحة الأقصى والاستيلاء على نحو 55 دونمًا منه، لتنفيذه.
ويوضح أن المنطقة الشمالية في الأقصى تعد جزء لا يتجزأ منه، ومن أهم المناطق في المسجد الأقصى، و”في حال استهدافها سيتم عزل الحي الإسلامي بالبلدة القديمة والقضاء على الحياة والوجود في الأقصى”.
ومن خلال المخطط الصهيوني، يريد الاحتلال تغيير الواقع والقداسة الإسلامية بالأقصى، وتجفيف الوجود الفلسطيني والعربي، وعزل المسلمين تمامًا ومنع ارتباطهم بمسجدهم.
وبنظر بكيرات، فإن هذا المخطط سياسي، يجب أن يؤخذ على محمل الجد للرد عليه ورفضه رسميًا وشعبيًا، لما له من تداعيات خطيرة على الأقصى، لا يمكن السكوت عليها.
ويطالب بكيرات الحكومة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية بأن تنظر بعين الاهتمام لما يجري في المسجد الأقصى، وأن يتم تنسيق الجهود بشكل كبير وعلى أعلى المستويات لوضع حد لمخططات الاحتلال ولممارساته في المسجد، ولكبح جماح انتهاكاته.
والمطلوب أيضًا تفعيل الدور الأردني والفلسطيني ودور منظمة التعاون الإسلامي وتحمل مسؤولياتهم تجاه الأقصى، والتنبه لخطورة تلك المخططات التهويدية.