مصطلحات سمجة يرددها البعض، تتحول مع الوقت إلى كلشيهات وقوالب جاهزة في توصيف أي صحافي، كاتب، إعلامي، ناشط، وزير، نائب، اقتصادي..إلخ، بأنه “قريب من أصحاب القرار”!
ماذا يعني ذلك؟! هل أصحاب القرار لا ينامون ليلهم إلا بعد أخذ رأيه في كل شيء! هل أصحاب القرار يستشيرونه في قراراتهم! هل يستمدون عزيمتهم وقوتهم من كل ما يتفتق عنه عقله وذهنه من إبداع وروائع وعبقرية! هل أصحاب القرار -الذين يفترض أنهم على دراية بتفاصيل حياة الشعب- ينتظرونه لوضعهم في تفاصيل الحدث؟! أم أن الأمر هو أن أصحاب القرار -إن كانوا بحق يعرفونه- يستخدمونه ويستخدمون غيره في إيصال الرسائل وجس النبض وتهيئة الرأي العام لقرارات صعبة أو غير شعبية، عبر توجيههم للكتابة حول موضوع أو ملف أو شخصية ما؟
في هذه الحالة هو ليس أكثر من ساعي بريد، أو “كاتب استدعاءات” بصفة صحافي أو محلل سياسي أو ناشط! وهو حين يكتب “ما يملى عليه” يفقد قيمته ككاتب وقلم حر، ويتحول إلى مروج سياسات وبائع للوهم، ومضلل للرأي العام، ويصبح أقرب إلى رجل التسويق والمبيعات، يسقط بالضربة القاضية في حلبة تضارب المصالح!
خطورة تسويق ما يوصف بـ”قريب من أصحاب القرار” أننا نصنع “نمورا من ورق” أو “متكسبين” أو “متسلقين” أو “فقاعات” و”بالونات” صحافية وإعلامية على حساب القضايا الوطنية الكبرى.
أقبل أن يقول مواطن عادي إن فلانا “قريب من أصحاب القرار”، لكن أن يقول ذلك أحد أبناء المهنة فهذا خداع سمج ورخيص للمواطن الذي ينتظر منا أن نقول له الحقيقة العارية دون رتوش، حتى يعرف أنه يقف على أرض رخوة وبنيان مائل آيل للسقوط.
الوهم اغتيال للحقيقة، وعلينا أن ننتصر عليه بالتوقف بداية عن ترديده.
ونختم بقول فولتير: “سيصبح كل شيء على ما يرام ذات يوم، هذا هو أملنا، أما أن نقول إن كل شيء على ما يرام؛ فهذا هو الوهم!!”.