يسير التصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية بسلاسة كبيرة، لا تعكس أبدا المزاج المتعكر ولا الكلمات النارية التي بدأت بها جلسات نقاشها.
ليس غريبا هذا المشهد؛ فقد عهدناه كثيرا في جلسات الثقة بالحكومات، وكذلك جلسات الثقة بالموازنة، وكل الجلسات التي يدور فيها النقاش على العلاقة مع الكيان الصهيوني، وكذلك الجلسات الحساسة التي تطرح فيها قوانين أو مواضيع إشكالية.
كثرت التأويلات والتحليلات للأحداث المؤسفة التي سبقت التصويت على التعديلات، وراح البعض يتحدث عن خلاف بين المرجعيات انعكس على مزاج النواب، وذهب البعض الآخر إلى أن التعديلات لن تمر بسهولة، لكن الواقع أشار إلى أنها مرت بأغلبية ساحقة ماحقة، ولولا وجود معارضة حقيقية تتمثل بكتلة الإصلاح، لربما تم الموافقة عليها بالإجماع.
هنا يبرز التساؤل: لماذا إذا كانت الكلمات النارية للنواب؟ ولماذا كان التوتير سيد المشهد في البداية؟ ولماذا وصلنا إلى هذه النتيجة؟
لا يمكننا الإجابة عن هذا التساؤل طالما كان التصويت على التعديلات الدستورية بالمناداة.
وماذا لو كان التصويت سرياً هل ستتغير النتيجة؟ لا نستطيع أن نغامر بالإجابة، لكن سياق بداية الجلسات قد يشي بتغير النتيجة أو نسبة الرافضين.
إذن: هل يعني هذا أن التيار الذي دفع بالتعديلات حسم المواجهة وفاز بالضربة القاضية الفنية؟!
ويبرز هنا سؤال آخر: هل ستستمر السلاسة التي مررت بها التعديلات الدستورية، مع كامل المشاريع التي قدمتها الحكومة وخصوصا قانوني الانتخاب والأحزاب؟!
وهل سيستمر التيار الذي دفع بالتعديلات بنفس الحماسة مع قانوني الأحزاب والانتخاب، أم أنه سيرخي الحبل؟ خصوصا أن التصويت على القوانين يتم برفع الأيدي وليس المناداة، ونتمنى أن لا يحدث خلالها كما حصل مع جلسة الهيئة المركزية لنقابة المهندسين! وهو بالمناسبة مشهد حدث في مجالس نيابية سابقة!
إذا حصل وتم الانقضاض على قانوني الأحزاب والانتخاب فإن ذلك سيزود المراقبين بمعطيات جيدة لتحليل المشهد منذ تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وما هي أجندة ذلك التيار وأولياته؟ وهل يشكل الإصلاح السياسي أولية عنده؟ أم أن المقصود كان هو التعديلات الدستورية فقط!