حين ينشر مقالي هذا سيكون الوفد المصري قد غادر غزة، فالوفد المصري لديه عمل كثير، ويتحرك رغبة في تحقيق الهدوء في المنطقة، وبكل تأكيد فإنه يتحرك بموافقة إسرائيلية للتحرك، أو بحض إسرائيلي على التحرك، وهذا يؤكد أن هناك أكثر من طرف معني بالتهدئة، وغير راغب بالتصعيد ولأسباب كثيرة.
فماذا تريد غزة من الوفد المصري؟ أو ماذا تريد غزة من التصعيد؟ هل تريد غزة من التصعيد عودة الأمور إلى ما كانت عليه من قبل؟ وهل كان الوضع في غزة من قبل هانئًا رائعًا كي نرجع إليه؟ وهل بمقدور غزة مواصلة التصعيد وتحمل تبعية ذلك من مواجهات قد تصل إلى جولة جديدة أو حرب جديدة، في ظل أوضاع عربية متأزمة، وأوضاع إقليمية شائكة؟
بكل بساطة، غزة تريد أن تعيش، وتريد أن تحيا كبقية شعوب الأرض، وإذا هدد غانتس وزير الحرب الإسرائيلي غزة بانعدام الأمن إذا انعدم الأمن في المستوطنات، فغزة أيضًا تهدد دولة الكيان بانعدام الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي للمستوطنين إذا لم تتوفر مقومات الحياة لسكان غزة، معادلة بسيطة ومقنعة، وتشكل جسرًا لأهل غزة لعبور مرحلة الحصار.
فهل تحسين أحوال الناس المعيشية هو غاية قيادة غزة؟ وهل الأموال القطرية وتأخرها هي السبب في التصعيد؟ وهل المماطلة الإسرائيلية في السماح بتنفيذ بعض بنود التفاهمات هي السبب في الإرباك الليلي؟ أسئلة تلف مجالس غزة، وتتربع في اللقاءات الثنائية داخل البيوت وخارج النقاشات الرسمية.
وبعد المراقبة والتدقيق، فإنني أزعم أن خلف حراك غزة هذه المرة أهدافًا سياسية لها علاقة بضم الضفة الغربية، ولها علاقة بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على الأرض العربية، ولها علاقة بالانهيارات العربية التي أفضت إلى مباركة التطبيع بين الإمارات و”إسرائيل”، فغزة جمل المحامل، وعلى عاتقها يقع العبء الأكبر في حمل أثقال القضية الفلسطينية.
صباح الثلاثاء ستكون نتائج لقاء الوفد المصري مع قادة غزة قد انجلت، وسيكون الوفد المصري قد استمع إلى مطالب جديدة لم تكن ضمن بنود التهدئة السابقة، وقد يتفاجأ الوفد بالربط السياسي للقضية الفلسطينية بالحياتي لسكان قطاع غزة، وستنعكس الزيارة بالهدوء الميداني أو التصعيد التدريجي، والذي ستحرص “إسرائيل” على عدم وصوله إلى حد المواجهة الشاملة، رغم تهديدات نتانياهو المتطرفة جدًا في هذا الشأن، فالذي يسعى لتسيير طائراته المدنية إلى دولة الإمارات ليس حريصًا على تسيير طائراته الحربية على أهالي قطاع غزة.
غزة جاهزة لكل شيء، ويقول أهلها: الوقوع في البلاء أهون من انتظاره!