قالت صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية إن الإفراج عن الرهينة الفرنسية صوفي بترونين كان يفترض أن يكون مناسبة سارة يفرح به الرئيس إيمانويل ماكرون كما كان يفعل دائما بمثل هذه المناسبات.
واستدركت ولكن الرئيس ماكرون لم يعلق كما كان متوقعا إثر عودة الرهينة صوفي بترونين التي أعلنت إسلامها وغيرت اسمها إلى “مريم” بعد أن احتجزت لأكثر من 3 سنوات و9 أشهر في دولة مالي، حيث انسحب بعد وصولها مطار فيلاكوبلاي في ضواحي باريس.
وأضافت أن تصريح ماكرون تخلي عنه وكان واجبا “خاصة بعد 7 سنوات من انخراط الجيش في عملية تساءل كثيرون عن ضرورة مواصلتها بعد أن أودت بحياة 50 من الجنود في مواجهة سديم جهادي بعيد المنال وعلى أرض تعادل مساحتها مساحة أوروبا”.
وتابعت “فرنسا و5 آلاف عنصر من قوة “برخان” عالقون في حرب لا نهاية لها، معظم عملياتها خطف وهجمات قاتلة ومحاولات اغتيال، مشيرا إلى أن الخروج منها يبدو مهمة مستحيلة”.
جدل إسلام “مريم”
ورأت كاتبة المقال أن “شخصية بترونين هي التي أحرجت رئيس الجمهورية؟ خاصة أن هذه المرأة البالغة 75 عاما استقبلت في باريس بسيل من الإهانات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تلق أي نوع من التعاطف على إثر تصريحها باعتناق الإسلام، وبأنها عاشت خلال اعتقالها “تجربة روحية” إضافة إلى عزمها على العودة إلى مالي للعيش هناك”، بحسب ترجمة للجزيرة نت.
وفي محاولة لتفسير إسلام الرهينة “صوفي” رأى المقال أنه ربما أصابها “متلازمة ستوكهولم” (تعاطف الضحية مع الجلاد) أم أنه تكونت لديها قناعة؟ خاصة أنها ترفض النظر إلى آسريها السابقين على أنهم جهاديون، وأن تصورها للصراع في منطقة الساحل يزعج بل يغيظ كثيرا من الفرنسيين.
أثمان غالية
وتساءلت “لوفيجارو”: “لماذا نستمر في دفع دماء جنودنا ثمنا لسماع مثل هذه التعليقات؟ مؤكدا أن هذه المرأة شغوفة بعملها الإنساني بقدر شغفها بإفريقيا، ولكن من الصعب متابعتها وهي تطلق على نفسها الآن مريم، بعد أن دخلت في الإسلام.
وفي حسرة على ما تم دفعة من أموال، قال مقال الصحيفة الفرنسية “هل كانت شروط الإفراج عن “مريم” هي التي جعلت رئيس الجمهورية غير مرتاح؟ وأشار إلى أن إطلاق سراح أي رهينة يؤدي إلى مفاوضات، متسائلا مقابل ماذا؟ وهل هناك فدية؟ علما بأن هناك حديثا عن دفع 10 ملايين يورو، وإن كان الاعتراف بدفع هذا المبلغ صعبا، إذ كيف تبرر الحكومة للرأي العام تسليح العدو، حيث إن الأموال سيتم استخدامها بالطبع لتعزيز قوته الضاربة”.
وأضاف أن “المبلغ لا دليل على تقديمه، فإن إطلاق سراح أكثر من مائتي جهادي من سجون مالي أمر رسمي -كما يقول الكاتب- مع أن بعض من تم إطلاقهم يمكن أن يكون متورطا في هجمات ضد الجيش الفرنسي”.
حوار من وحي اللقاء
وعلى موقع “فيسبوك” تداول نشطاء حوارا مقتبسا من وحي لقاءات مريم بترونين، المبشرة وموظفة الإغاثة الإنسانية الفرنسية فقالت “نعم كنت أسيرة عندهم لكنهم لم يمسوني بسوء أبدا، وكانت معاملتهم لي كلها تقدير واحترام، كانوا يقدمون لي الطعام والشراب ويحترمون خصوصيتي.. لم يتعرض لي أحد بتحرش لفظي ولا جسدي.. لم يفرضوا عليّ الإسلام لكنني رأيته في أخلاقهم.. أناس يتطهرون ويصلون للرب الصلوات الخمس ويصومون شهر رمضان”.
وتابعت “نعم ماكرون.. هم متواضعون الحال وبلادهم فقيرة لا يوجد فيها برج إيڤيل ولا يتعطرون بالعطور الفرنسية لكنهم الأنظف أبدانا والأطهر قلوبا..لا يملكون السيارات الفارهة ولا يقطنون الأبراج العالية.. لكن همهم فوق السحاب وعقيدتهم أرسخ من الجبال الرواسي”.
وعن معاني الإسلام الروحية قالت: “ماكرون هل سمعت تلاوة القرآن قبل ذلك في الصلاة؟ ما أجملها حتى لو لم تفهم ما يرتلون.. هل سجدت قبل ذلك لله سجدة نسيت فيها همومك وأحسست فيها بقربه منك؟ بالدنيا وما فيها.. نساؤهم ألوان بشرتهن سوداء.. لكن قلوبهن أبيض من الحليب.. يرتدين الثياب البسيطة لكنهن في أعين رجالهن مثل الحور الحسان.. لا يختلطن بالرجال الأجانب ولا يختلين بهم ولا تُدخل إحداهن رجلا بيتها في غياب زوجها.. لا يشربن الخمور ولا يلعبن القمار ولا يزنين في الشوارع.. المسلمون هناك يؤمنون بكل الأنبياء حتى نبي الله عيسى الذي يحبونه أكثر منّا.. وأمه مريم التي أسميت نفسي على اسمها من كثرة حبهم وتعظيمهم لمكانتها..”.
وفي تصور لردود الرئيس الفرنسي وردها عليه “ماكرون / كيف يحبون المسيح أكثر منا؟.. مريم/ نعم لأن بلادنا سفكت دماء الأبرياء باسم المسيح واستحلت بلادهم ونهبت ثراوتهم.. ننعم بخيرات بلادهم لكننا لا زلنا نعتبرهم إرهابيون عندما يدافعون عنها.. لكنهم تعاملوا معي ومع غيري من الرهائن بأخلاق المسيح التي كنا نتعلمها في الكنائس لكننا لم نطبقها على أرض الواقع”.
وفي رد على ما ادعاه ماكرون مرارا بمهاجمته الدين الإسلامي قالت “مريم”: “لكن ختاما ماكرون.. هذا هو دين الإسلام الذي تحاربه ليل نهار.. قد حرك شغاف قلبي وملأ عليّ دنيايا.. فما عدت أرى فرنسا بجمالها الفتان أجمل من مالي الفقيرة المتواضعة.. بل إنني قررت أن أعود إليها مرة أخرى.. لكن بعد دعوة أهلي وأحبابي للإسلام.. لأني أريدهم أن يذوقوا حلاوة ما ذقته من عبادة الله الحق الذي لا إله إلا هو.. وأدعوك أيضا لأن تعيد حساباتك مع هذا الدين العظيم الذي هو رسالة كل الأنبياء والرسل من لدن آدم ومرورا بعيسى المسيح وختاما بسيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم”.