تعتبر مقاييس درجة الحرارة أداة مهمة وفعالة في العديد من الحالات، بما في ذلك بعيادات الأطباء والمستشفيات، ولكن عندما يتعلق الأمر بفيروس كورونا، فإن فحص درجة الحرارة له قيود خطيرة.
وعقب الانتشار الواسع للفيروس هناك فحوصات درجة حرارة في المطارات والمنافذ الحدودية، وفي بعض الدول يتم إيقاف الأشخاص وفحصهم أثناء سيرهم في الشارع.
وبعد شهرين من هذا الوباء، ومع ارتفاع القلق، يتساءل الكثير من الناس: ألا يجب علينا جميعا فحص درجة حرارتنا؟ الجواب، حسب الخبراء، هو لا.
أين يكمن الخطأ
المعضلة الكبيرة تكمن في أن مقاييس الحرارة يمكنها أن تخطيء في بعض الحالات، إذ أنه من الممكن أن تقدم نتائج إيجابية خاطئة، مما قد يؤدي إلى إرسال الأشخاص الأصحاء إلى الأماكن التي يعاني فيها الآخرون من مرض خطير.
بالنسبة لعدد من السلطات الأمنية، من الصعب والمكلف الحصول على ما يكفي من معدات الفحص وتدريب الموظفين على استخدامها ولهذا السبب تختار بعض الحكومات التركيز على تدابير أخرى، خاصة إذا كانت الموارد شحيحة.
من جهته، يقول اختصاصي الأمراض المعدية في مستشفى تورنتو العام إسحاق بوتشوك: “يمكن لمقياس الحرارة، إذا تم معايرته وإذا تم استخدامه بشكل مناسب، اكتشاف الحمى”.
وأضاف: “إننا جميعا سعداء بذلك، ولكن هل هي طريقة فعالة لفحص الأشخاص بحثا عن كورونا؟ الجواب لا”.
استخدام فحص درجة الحرارة في الاستجابة لهذا الفيروس كان متقطعا حتى الآن، فاستخدمت الصين على سبيل المثال، فحص درجة الحرارة في المطارات وخارج المباني السكنية وحتى في المتاجر، بينما تختبر الهند جميع الوافدين وتقوم كوريا الجنوبية وروسيا وغيرها بفحص الوافدين من بلدان ومناطق معينة.
البلدان الأخرى لا تهتم، حتى مع انتشار تفشي المرض في إيطاليا، حيث جادل مسؤولو الصحة الألمان بأن عمليات فحص درجة الحرارة في المطارات ليست فعالة، فهناك العديد من الأسباب التي تجعل فحص درجة الحرارة غير فعال.
وفي حالات الأزمات، قد يستخدم الأشخاص أدوات غير مناسبة أو يستخدمون الأدوات الصحيحة بشكل غير صحيح، مما يؤدي إلى عدم الدقة.
ويؤكد خبير في أجهزة الأشعة تحت الحمراء في معهد نيوجيرسي جيم سيفرين: “نرى صورا لأشخاص يستخدمون موازين الحرارة بالأشعة تحت الحمراء الصناعية لقياس درجة حرارة الأشخاص، لكن هذه الأدوات لا تهدف إلى قياس درجة حرارة جسم الإنسان”.
وأضاف: “يتم معايرة أدوات الصف الصناعية لقياس أشياء مثل الأنابيب، وأن استخدامها لقياس درجة حرارة جلد الإنسان يمكن أن يؤدي إلى أرقام خاطئة تصل إلى 7 درجات فهرنهايت”.
وتابع: “المهم أيضا مكان وكيفية استخدامها، إذ يستخدم الناس موازين الحرارة بالأشعة تحت الحمراء على الأشخاص الذين يقفون في الخارج في برد الشتاء، وهذا غير صحيح نظرا لأن هذا النوع من الأجهزة يقيس درجة حرارة السطح، وليس درجة حرارة الجسم الأساسية، فقد يعني ذلك قراءة خاطئة.. يمكن للشخص أن يظهر بدرجة حرارة أعلى من المتوسط لأنه خرج للتو للركض، أو ربما كان واقفا بالقرب من المدفئة، مما تسبب في ارتفاع درجة حرارته”.
وقال: “المشكلة الأخرى، في الأشخاص الذين يتناولون الدواء لإخفاء الحمى، فحتى إذا تم إجراؤها بشكل صحيح، فإن فحوص درجة الحرارة ليست بالضرورة كافية لتحديد الحالات المناسبة.
فعال جزئيا
ويؤكد أحد كبار زملاء منظمة الصحة العالمية يانتشونغ هوانغ، أن “فحوص درجة الحرارة قد تكشف شخصا يعاني من الحمى الناجمة عن الإنفلونزا، في حين أنه ربما تخطئ لدى آخر مصاب بكورونا، لكن لم تظهر عليه الأعراض بعد”.
وقال، إنه “يمكن أن يكون الفحص فعالا جزئيا، لكنه لن يكون فعالا بالنسبة لشركات النقل”.
وأشار هوانغ إلى أن فحص الأشخاص على الحدود خلال وباء “H1N1” حدد أقل من ثلث الحالات، فيما دعت دراسات أحدث إلى فعالية الفحص في المطارات.
وجدد الباحثون في المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، التأكيد أن ثلاثة أرباع الأشخاص الذين يغادرون المدن الصينية وهم مصابون بالفيروس لن يتم اكتشافهم عن طريق فحص الدخول.
ووفقا لدراسة أجرتها مجموعة متخصصة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، فإن “فحص الدخول والخروج من غير المحتمل أن يمنع مرور المسافرين المصابين إلى بلدان أو مناطق جديدة”.
وتشير المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية إلى أن موازين الحرارة يمكن أن تكون جزءا من استراتيجية أوسع، بما في ذلك المقابلات وجمع البيانات حول السفر والاتصالات الأخيرة، وبالنسبة للبلدان ذات الموارد والمعدات، يمكن أن تكون فحوص درجة الحرارة أيضا نقطة انطلاق لتثقيف عامة الناس حول ما يجري، وكيفية الحفاظ على سلامتهم وما يجب القيام به إذا مرضوا.