لماذا تَعد “إسرائيل” تركيا أخطر من إيران؟

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : د. صالح النعامي

لا يعامل الكيان الصهيوني مع الدول العربية والإسلامية، سيما تلك التي تقع ضمن محيطه الإقليمي وبيئته الإستراتيجية استنادا إلى منطلقات مذهبية، عرقية، قومية.

فعندما تعكف أي من هذه الدول على مشروع نهضوي يمكن أن يؤدي إلى تهديد تفوق تل أبيب النوعي أو يقلص هامش المناورة أمامها في المنطقة، تصبح هذه الدولة في بؤرة الاستهداف الصهيوني ويتم تصعيد التحريض ضدها.

فقد سبق لمجلة “التايمز” اللندنية أن كشفت مؤخرا أن رئيس الموساد يوسي كوهين أبلغ قادة عرب قبل عامين بأن إسرائيل ترى في تركيا مصدر تهديد يفوق إيران وذلك من خلال مقاربته اتجاهات السياسة الخارجية لأنقرة وتدخلاتها المختلفة.

وما صدر عن كوهين يعبر في الواقع عن توجه فالصهاينة العام الذين يرون أن اتساع رقعة التدخلات التركية أفضت إلى تسلل الإدراك بأن تركيا يمكن أن تتحول إلى خطر أكبر يفوق الخطر الذي تمثله إيران. وعلى ما يبدو فأن رئيس الموساد لم يبذل جهودا كبيرة لإقناع القادة العرب بوجهة نظره.

رفض أنقرة المعلن لاتفاقات التطبيع أجج الحساسية للموقف التركي من أنماط العلاقة المتطورة بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية.

لكن بخلاف مواجهة إيران، التي تمكن الصهاينة من حشد دعم قوي لصالحها يتمثل في موقف الولايات المتحدة، فأن الصهاينة يرسمون صورة سوداوية في كل ما يتعلق بفرص مواجهة تركيا بسبب ما يصفونه بـ “الشلل” الذي أصاب المؤسسات الأوروبية ونتاج التوجهات “الانعزالية” التي تتسم بها السياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب، سيما في كل ما يتعلق بالموقف من تركيا.

ويسود تقدير في تل أبيب مفاده بأن الرئيس التركي طيب رجب أردوغان يستغل تفشي وباء كورونا وما رافقه من اضطراب في النظام العالمي في تكريس مشاريعه الإقليمية ووضعها موقع التنفيذ؛ وتحديدا في ظل عجز الدول الأوروبية على موائمة سياساتها مع هذه التحولات وتمسكها بالتوجهات القديمة التي لا تصلح للتعاطي مع الواقع الجديد، مع العلم أن مواجهة تبعات كورونا تقلص من قدرة الصهاينة أيضا على الاستثمار في مواجهة أنقرة.

ومع أن الصهاينة يشيدون بموقف الرئيس الفرنسي ماكرون الذي يحرص على مواجهة تركيا في كل الساحات، إلا أنهم يشككون في جدوى هذا السلوك ليس فقط بسبب فشل سياسات ماكرون الإقليمية، بل أيضا لعدم انضمام القادة الأوروبيين الآخرين إليه.

ومما يعزز من قدرة تركيا على المناورة، في نظر تل أبيب، أنها لا تتردد في مساعدة حلفائها، بعكس أوروبا، حيث يشير الصهاينة بشكل خاص إلى وقوفها إلى جانب حكومة “الوفاق” الليبية ونجاحها في منع سقوط العاصمة طرابلس، وذلك في مواجهة خليفة حفتر، الذي يحظى بدعم الإمارات، مصر وروسيا.

أما الرهان على دور روسيا في احتواء الدور التركي، فهو  رهان غير واقعي، في نظر الكثير من النخب الصهيونية، التي ترى أنه على الرغم من أن تركيا وروسيا تتواجهان في كل الساحات الإقليمية إلا أن الرئيس الروسي بوتين معني بالاستثمار في العلاقة مع أردوغان على اعتبار أن ذلك يسهم في إضعاف حلف الناتو ويمس بتماسكه.

لكن ما تقدم لم يحل دون تجند النخب الصهيونية للتحريض على تركيا، كما يفعل دان شيفطان، مدير “مركز دراسات الأمن القومي” في جامعة حيفا الذي يرى وجوب أن تتعامل إسرائيل ودول المنطقة وأوروبا مع تركيا كـ “عدو” على اعتبار أنها في حالة عداء مع نظم الحكم العربية المريحة للصهاينة والغرب.

قصارى القول، الصهاينة لا يعبرون إلا ذوي المشاريع، التي تحمل في طياتها المس بتفوقهم أو على الأقل تقليص هامش المناورة أمامهم.

اكتب تعليقك على المقال :