“لعبة المصطلحات”

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : د. بشار الشريف

في الأزمات يكثر التلاعب بالمصطلحات؛ فحين تكثر النقائص يلجأ أصحابها ومفتعلوها إلى تغطيتها بمصطلحات الفضائل، وعلى العكس من ذلك حين ينادي البعض بالفضائل يلجأ المعادون لهم إلى إطلاق مصطلحات النقائص والشيطنة على فضائلهم؛ ليتم تضليل الرأي العام، فيكتشف اللعبة قوم وتنطلي الحيلة على آخرين؛ ليبدأ الخلاف المجتمعي والانقسام الافتراضي على هذه المصطلحات ودلالاتها..

إننا اليوم – مثلاً – نرى الموظف – الذي يشكل له راتبه رأس ماله – نراه إذا طالب بحقه (وهذه فضيلة) يتهم بأنه يفتعل المشكلات، ماديّ، متعالٍ، وربما وقح..!!

ونرى الضعاف الذين سكتوا عن حقوقهم (وهذه نقيصة) يوصفون بأنهم مهذبون، متواضعون!!

ونرى التجبر بالفقراء والمساكين الذين يعيشون تحت خط الفقر كيف تمارس على دخولهم التي لا تكفيهم وهي تامة كل أنواع السطو والانتقاص تحت مسمى (التكافل)..

كما نرى بعض الذين يعطون الأجور لعمالهم وكأنهم يتصدقون عليهم، ويتغافلون عن أنهم حصلوا على خدمات مقابل هذه الأجور.. هذا إن لم تكن الخدمات أضعاف تلك الأجور..

ونرى البعض يتحايل على القانون بالقانون؛ ليأكل أموال الناس بالباطل..!

“وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة” آية يفترض أن يطبقها القوي لصالح الضعيف.. واليوم يطالب القويُّ الضعيفَ بأن يصبر عليه؛ ليدفع ذلك الضعيف ثمن تصرفات وقرارات لا شأن له بها..

إننا إذن – في كل أزمة – نضيع في حرب المصطلحات وألاعيبها لنفقد بوصلتنا ونغرق في خلافاتنا وجدالاتنا دون الوصول إلى نتائج..

♦ ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾.

ولم يغب تشخيص لعبة المصطلحات عن لسان الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم – حيث قال :(( يأتي على الناس سنوات خداعات يصدَّق فيها الكاذب، ويكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن فيها الأمين)).

Ativador Windows 10

اكتب تعليقك على المقال :