لا عتمة هنا: بل عُميان!

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : ناهض وشاح

كُنت أظن أنني سأتوقف عن التساؤل عندما أعرف الأجوبة ولم أكن أعلم أن التساؤلات الحقيقية لا تأتي إلا بعد المعرفة … معرفة أن الله لا يقبل من الناس عبادتهم إذا اختلّت سياستهم وفسدت أخلاقهم ثم استكانوا للبغي والفساد. 
البغي في الصمت المزري والظلم المستشري في كل الميادين والأقلام المأجورة والأبواق تملأ الأرض إفكاً وزوراً، لم يعد أمامنا سوى الوهم و الكذب و الخديعة.
تُحاول جاهدا الفرار من هذا الفراغ الذي يتأمل كل شيء حولك … تنزوي بين ثنايا كتاب لا يزيدك إلا معرفة … وكلما ازددت معرفة ازددت ألما. 
تدخل مسجدا … تجلس بين الحشود كأنك ارتكبت كل خطايا الأرض … تمسح وجهك وترفع يدك حتى يصعد الخطيب على المنبر ليسرد علينا كلاما عن طهارة الجسد ناسيا طهارة القلب! ثم يُردد نفس العبارات ونفس الدعاء الذي سنّه الأقوياء على الضعفاء!
لم يخبرنا عن العدوان الصهيوني ولا عن التحكم بمصائر الناس ولا حتى عن خطبة العتيق أبو بكر الصديق: “أيها الناس إني قد وُلّيت عليكم ولست بخيركم؛ فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أعيد عليه حقه، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء”. 
وهل هناك بلاء أشد من دجّال يتكلم وقطيع يسمع … أو كما قال علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: “ما خانك الأمين لكنك ائتمنت الخائن”، وما أكثرهم أولئك الذين حوّلوا شعوبا بأكملها إلى أرقام لا قيمة لها، تلهث على خط الحياة لتصل في النهاية إلى الرضوخ أو اخرج من أرضنا.
الصراخ يعلو في كل مكان، والذين لم يولدوا بعد يُداهمهم الخوف مثلنا، علموا أننا بشر تعساء لا نرفض ولا نتمرد ولا نتكلم في وجه من يتحكمون في أقواتنا وأوقاتنا، نعم ونمضي، غلاء في الماء والكهرباء، نعم ونمضي… نجوع ونعرى … نعم للسادة ونمضي حتى صارت رؤوسنا تلامس الأرض … ونحن الأموات الأحياء نصيح نعم نسير إلى الوراء. 
هل البرد قارس؟!… والمطر لا يعتذر عن هطوله … وتلك المرأة تُلملم أطفالها حولها لا تملك مدفأة … تأتي بكتب أولادها المدرسية فتشعل النار فيها ..حتى يعود الأب لا يحمل بين يديه إلا البرد وكيس خبز … وهل يعلم من يجلس في بيته ويُشعل الشموع على سنوات عمره بعدد الدموع التي تنهمر من بشر منهكين ومشرّدين … وقلقين من غد تحكمه نظرية البلاهة … لا يهم عدد الضحايا المهم الجلاّد وحاشيته الذين سيفتعلون نقصا في الطاقة والطعام ليسهل السيطرة أكثر وأكثر … ويُصبح التخلّص من أي بصيص أمل بالنباح عليه فقط لا أكثر ..فلكل مجتمع من الأغنام حكومة من الذئاب . 
الناس هنا تعيش في دوامة لا تنتهي … الغلاء يفتك بهم  والبرد يفتك بهم … والعدو لا يهتم بهم لأنه ينظر إليهم على أنهم ديدان ستبتلعهم الأرض عما قريب … 
أخبروني أيها المبصرون أي مصيدة تلك التي وقعنا فيها ؟!
هل من أحد هنا يرى أو يسمع كيف يتكلم الأموات!

اكتب تعليقك على المقال :