جاء استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، يحيى السنوار مفاجئاً بتوقيته وشكله، للعدو في المقام الأول، الذي وجد نفسه يساهم عن غير قصد في تجسيد صورة “الفارس الملهم” الذي قاتل حتى آخر رمق… وآخر رمية.
وتقول الباحثة في الشأن الفلسطيني، رانية نصر، أن “السنوار كان حالةً فريدةً في تاريخ القضية الفلسطينية، من حيث كونه قائداً سياسياً وعسكرياً في الوقت ذاته، فضلاً عن كونه مُشتبكاً وجندياً”.
وتوضح قائلة إنه “عادة القائد السياسي لا تراه في الميدان العسكري، لذلك أعتقد أن حالة السنوار ستنعكس في وجدان الشباب اليوم، فتزيدهم دافعية للمضي في طريق الأبطال على درب تحرير فلسطين وغزة والمقدسات” على حد تقديرها.
وأشارت إلى أن “السنوار كان قائداً حيثما استدعى الموقف وجندياً حيثما استدعى الظرف والمكان، لذلك سيرته وبطولته لن تمر مروراً عابراً؛ بل ستحفر في وجدان الناس وعموم الشباب المسلم أثراً بالغ الأهمية، يترجم محبةً ووفاءً واقتداءً”.
العصا التي عرت عجزنا
وترى نصر أن “عصا السنوار ترينا عجزنا وخذلاننا وهواننا على أهلنا في غزة، وعلى قادتنا وسادتنا، الذين يقاتلون للرمق الأخير… وفي أحسن أحوالنا نصدر البيانات الاستنكارية ظناً منا بأننا قدمنا الواجب، وربما لتخدير ضمائرنا قليلاً، ثم نعود إلى حياتنا الطبيعية!!”.
وشددت على “ضرورة انتفاض الأمة في حراكات جماهيرية واعتصامات في الميادين يقودها العلماء، وقادة الرأي والمؤثرين، والضغط على الحكومات لإغلاق سفارات الكيان الصهيوني في كل مكان، ومقاطعة الاحتلال على الأصعدة جميعها، وعلى مستوى الحكومات”.
المشهد الأخير
بدوره يرى الباحث لدى مركز “جسور” للدراسات، عدنان أبو بسام، أن “الاهتمام بالمشهد الأخير من الحياة، عزّز لدى قادة الأمة ثقافة الموت الكريم في ساحات الحروب، فالسنوار بمقابلة تلفزيونية تحدث عن حلمه بأن يقتل بالصواريخ لا بالموت بأحد الأمراض”.
وقال: إنه من “أراد أن يعرف الشخصية العربية الأصيلة بشجاعتها، وعنفوانها، واندفاعها، وخشونتها، وإبائها، فلينظر إلى السنوار” بحسب تقديره.
وأضاف: “نعم، يبدو أننا أمام شخصيةٍ عربية شغوفةٍ بالعروبة وتاريخها وحكايات أبطالها، ويبدو أنّ السنوار نجح في أن يجعل من حياته إحدى هذه الحكايات التي سيقرؤها الشغوفون بالبطولة العربية من بعده، وسيتعلمون منها معنى الإباء والرجولة، نحن أمام رجلٍ ستعيش حكايته طويلاً”.
ونعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الجمعة (18 تشرين أول/أكتوبر 2024)، رئيس مكتبها السياسي الشهيد يحيى السنوار “الذي ارتقى بطلاً شهيداً، مقبلاً غير مُدبر، مشتبكاً ومواجهاً لجيش الاحتلال في مقدّمة الصفوف، مدافعاً عن أرض فلسطين ومقدساتها، ومُلهماً في إذكاء روح الصُّمود والصَّبر والرّباط والمقاومة”.
وارتقى السنوار في منطقة “تل السلطان” في رفح جنوب غزة، يوم الأربعاء، بعد مواجهات مسلحة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، استخدمت فيها الطائرات بدون طيار وسلاح المدفعية.