كيف استقبلت “إسرائيل” اغتيال سليماني؟

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : ناصر ناصر

حرصت “اسرائيل” على كبت فرحتها ورضاها التامّين من جرأة الرئيس غير المتوقع دونالد ترامب بقيامه باغتيال الجنرال قاسم سليماني؛ وذلك خشية منها على تمام وكمال إنجازها بتلقيها جزءا من الرد الايراني المتوقع على عملية الاغتيال، والتزاما نادراً بتعليمات نتنياهو لوزرائه بعدم إدلاء التصريحات حول الموضوع .

فقد أنجزت لها هذه العملية هدفين اساسيين لم يسبق ان اجتمعا لها معاً، وبهذه الصورة، أما الأول فقد تخلصت وعلى يد الامريكان ممن كانت تعتبره وعلى لسان أكثر من مسؤول ووزير، وكان آخرها اسرائيل كاتس “عدوها الاول والأشرس في الشرق الاوسط”، اي قاسم سليماني .

أما الثاني فهو توافق مصلحتها ومشاعرها مع مشاعر جماهير واسعة من العرب والمسلمين الساخطين على مواقف سليماني في سوريا واليمن والعراق .
 نتنياهو عاد وأكد أمس مرة أخرى تصريحاته التي أدلى بها بعد قطعه زيارته الفاشلة على الارجح في حصار تركيا في اليونان التي اكد فيها ان “اسرائيل تقف الى جانب أمريكا، سليماني مسؤول عن قتل مواطنين امريكان وأبرياء كثيرون وقد كان يعتزم تنفيذ اعتداءات أخرى، الرئيس ترامب يستحق كل التقدير على عمله بإصرار وقوة وسرعة”.
فاغتيال الجنرال سليماني قدم لإسرائيل “خدمة هائلة لا توصف” على حد تعبير احد المسؤولين السابقين في وحدة الأبحاث التابعة للاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، فقد أبعد عنها شبح الحرب القريبة في الشمال والتي كان سليماني يقودها ويعد لها العدة، والأهم من ذلك وفق اسرائيل انه سيوقف الانسحاب الامريكي من منطقة الشرق الاوسط مرحلياً على الأقل، بعكس خطط ترامب السابقة وحتى لا يظهر كمن هرب او انسحب تحت ضغط التهديدات الايرانية، وقد اجرى نتنياهو في الاسبوع الاخير ثلاثة اتصالات مع بومبيو كان آخرها امس حيث ناقش الاوضاع بعد اغتيال سليماني، واتفقا على ضرورة الاستمرار في مقاومة النفوذ الايراني في المنطقة .

اما على صعيد السياسة الداخلية فقد اعتبر مدير التحرير في صحيفة هآرتس ألوف بن ان ترامب اهدى هدية لنتنياهو لا تقدر بثمن، حيث غيَّر جدول الاعمال في الدولة من موضوع قضايا الفساد التي تلاحق نتنياهو وتؤرقه الى الموضوع الامني المريح لنتنياهو، لم يكن هذا الاهداء الا وظيفة كاملة لعملية الاغتيال، الوظيفة الظاهرة والمقصودة كانت موجهة لمن اعتبره ألوف بن مقاولا ثانويا لسياسات امريكا ضد داعش فبعد ان ارتكب خطأ استراتيجيا و تحول للعمل ضد امريكا بشكل مباشر في العراق وفق تقديراته .

التقديرات في اسرائيل تقول بأنها تلقت إنذارا مسبقاً لعملية الاغتيال، وهذا ما أشار له رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق يهود اولمرت للقناة 11 أمس، موضحاً ان القرار المبدئي باغتيال قاسم سليماني كان قبل فترة طويلة، وبأن الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية كانتا تتابعان تحركاته باستمرار لكن القرار المحدد تم في الفترة الاخيرة، وقد تلقت اسرائيل والسعودية انذارا مسبقا للاستعداد له، كم مدة هذا الانذار: ايام ام ساعات؟ اختلفت التقديرات، فبعضها قال ساعات، وبعضها قال عدة ايام، والمرجح عدة ساعات.

تعتقد اسرائيل وبعد ثلاث جلسات لتقدير الموقف عقدها وزير الدفاع بينت مع رئيس الاركان وكبار قادة الاجهزة الامنية في مقر وزارة الدفاع امس الاول ان احتمالية توجيه ايران ضربة عسكرية اسرائيلية ضعيفة؛ لذا لم تصدرالتعليمات بتعزيز القوات على الحدود الشمالية بالرغم من تصريحات ليبرمان ان الجبهة الشمالية غير جاهزة لمواجهة اي هجمات صاروخية، ولكنها -اي اسرائيل- رفعت مستوى الاستعداد في سفاراتها في الخارج.
وقد تكون تصريحات المسؤولين الايرانيين امس الواضحة بالتهديد بضرب اسرائيل هي ما دفعت رئيس الاركان كوخافي لتغيير الموقف والامر بتعزيز قوات المدفعية على المناطق الحدودية في الشمال تحسبا لرد ايراني مفاجئ.
وقد أصدر اليوم 6-1 معهد أبحاث الامن القومي-جامعة تل ابيب تقديرا يدعو فيه إلى بلورة استراتيجية جديدة في أعقاب اغتيال سليماني والاستعداد لكل الاحتمالات، كما أثار احتمالية تأجيل ايران لبعض ردودها لحين انخفاض وتراجع التأهب الامريكي، فيما أعرب البرفسور شاؤول فوريب رئيس وكالة الطاقة النووية الاسبق عن أن اغتيال سليماني لن يؤثر في سياسة ايران في الشرق الاوسط في المدى المتوسط والبعيد؛ فلكل قائد بديل.
وفي الختام.. من الممكن القول بأن تداعيات اغتيال الجنرال قاسم سليماني ما زالت في بداياتها، واحتمالاتها مفتوحة، وتتم بمرحلة مستمرة من التوتر والترقب والتصعيد.

اكتب تعليقك على المقال :