رعب “كورونا” الذي اجتاح العالم من أقصاه إلى أقصاه أوجد حالة من وحدة الشعور، وإدراك الخطر يندر أن تتحقق في غير الحالات المشابهة.
تناقضات المصالح تفرّق الدول والشعوب، فكل يبحث عن تحقيق مصالحه التي عادة ما تكون على حساب آخرين. وفي الحروب ثمة منتصرون ومهزومون وشامتون. لكن في مواجهة “كورونا” ليس هناك مهزوم ومنتصر، ولا مساحة للشماتة، فلا أحد بمنأى عن الخطر، ووصوله إلى أي دولة مسألة وقت ليس إلا.
في البدايات استحضر البعض نظرية المؤامرة، وروجوا لضرورة وجود أطراف مستفيدة هي من وقفت وراء نشر الفيروس في الصين؛ بغية استنزافها اقتصادياً في سباق التنافس بين القوى العظمى.
والبعض رأى أن الأمر ينطوي على مبالغات وتضخيم واهتمام غير مبرر بخطر “كورونا”؛ لإشغال العالم بـ “فزاعة جديدة”. واستشهد على ذلك بمقارنة خسائر “كورونا” بخسائر حوادث السير والانفلونزا العادية التي تحصد أرواح عشرات الآلاف.
وآخرون استحضروا “العقاب الإلهي”، ورأوا أن ما أصاب الصين كان بجريرة الفظائع التي ارتكبت بحق المسلمين الإيغور.
في مواجهة فيروس “كورونا” الذي لا يرى بالعين المجردة ظهر عجز البشر، وضعفهم وقلة حيلتهم، لا فرق بين دول عظمى وأخرى صغرى ونامية. الكل ينتظر بفارغ الصبر اكتشاف علاج للفيروس الوافد، والآمال معلّقة على حرارة الصيف لتوقف انتشاره، وتضع حدّاً لخطره.
حتى ظهر الأربعاء 4/3 غزا “كورونا” 81 دولة واستوطن فيها، ووصل عدد الإصابات إلى 93715 حالة، والوفيات إلى 3217 ، ولم تفلح كل الجهود الاستباقية والاحتياطات الوقائية في منع وصوله إلى تلك الدول، فهو لا يستأذن أحداً، ولا يحابي ولا يجامل، ولا يميّز على أساس اللون أو الجنس أو المعتقد.
هي لحظة نادرة إذن، يتحد فيها العالم الذي افترق على كثير من القضايا، ويشعر البشر بضعفهم وعجزهم، ويعلقون آمالهم على غير فعلهم وإرادتهم