في ورشة صغيرة لتعليم الخياطة، تشرف عليها منظمة “أنقذوا الأطفال” في العاصمة مقديشو، يعمل شابات وشبان صوماليون كخلية نحل لإنتاج كمامات طبية لمواجهة فيروس كورونا.
وانتشر فيروس كورونا في البلاد في مارس/آذار الماضي، فيما شهدت الأزمة ارتفاعاً بأسعار الكمامات، كغيرها من وسائل الوقاية من الفيروس، بعد تجاهل الصيدليات لتعليمات وزارة الصحة حول عدم رفع أسعارها.
وبهذا الخصوص، يقول طاهرعلي جيدي، مسؤول منظمة “أنقذوا الأطفال”، جنوب ووسط الصومال، إن “الورشة ورغم محدودية إنتاجها إلا أنها جاءت كمبادرة لتوفير كمامات مناسبة لسكان مخيمات النازحين في ضواحي العاصمة مقديشو”.
ويضيف جيدي في حديثه للأناضول، أن “الكمامات توزع مجانا للنازحين، وذوي الدخل المحدود، في العاصمة وضواحيها”.
** احتياجات تفوق المبادرة
وتنتج المدرسة الحرفية لتعليم الخياطة، أكثر من 400 كمامة يومياً، بواقع 13 ألفاً و500 كمامة شهرياً.
وتعكس هذه الأرقام قدرة لإنتاج هؤلاء الشباب المتطوعين، لكنها بالوقت نفسه، لا تسد ولو 5 بالمئة من احتياجات المخيمات في ضواحي مقديشو والتي يقدر عدد النازحين فيها بأكثر من مئة ألف نازح.
أحمد علي معلم، أحد منتجي الكمامات يقول للأناضول: “طبقا لتعليمات مسؤولينا نعكف يوميا على إنتاج أكبر عدد ممكن من الكمامات منذ الصباح وحتى المساء من أجل رفع إنتاجيتنا اليومية، لتصل جهودنا إلى المحتاجين في مخيمات النازحين”.
وتحد المواصفات الصحية والمعايير والإجراءات التي تتطلبها صناعة الكمامات، من إنتاجية المتطوعين.
إذ تختلف الإنتاجية اليومية بين 25 كمامة إلى 50 كمامة، وهو الحد الأعلى الذي ينتجه العامل الواحد في هذه الورشة.
** كمامات تختلف عن المتوفرة بالأسواق
وبحسب المشرفين على المبادرة، فإن الكمامات التي يصنعها الشباب تختلف تماماً عن تلك المتوفرة في الأسواق.
وتصنع الكمامات في الورشة، من قماش يمكن غسله بالمعقمات والصابون لتصبح مهيأة للاستخدام مرة أخرى على عكس المتوفرة بالأسواق والتي يمكن استخدامها لمرة واحدة فقط.
** إنتاجية ربحية
ومع ارتفاع أسعار الكمامات في الصيدليات، نتيجة زيادة الطلب عليها، يقصد بعض المواطنين ورشات الخياطة على أمل أن يحصلوا على كمامات بسعر مناسب أكثر لجيوبهم.
إلا أن بعض الورشات، استغلت هذه الأزمة، وباعت الكمامات التي تصنعها بأسعار لا تقل كثيراً عن المتوفرة بالأسواق، في ظل غياب تسعيرة حكومية للمستلزمات الوقائية من الفيروس.
ويقول نور أحمد، مدير إحدى ورشات الخياطة، إن “الكمامات التي تنتجها ورشات الخياطة مصنوعة من القماش وتضاهي نظيرتها المستوردة من الخارج مما يسمح لصاحبها بغلسها وتعقيمها واستخدامها من جديد”.
وتختلف أسعار الكمامات المتوفرة في البلاد حيث تباع الكمامات المستوردة من الخارج بـ 48 ألف شلن صومالي، ما يعادل 2 دولار أمريكي، في حين كانت تباع الحزمة الواحدة من الكمامات قبل أزمة كورونا، والتي تحتوي على 300 كمامة بالسعر نفسه.
أما الكمامات المصنوعة من القماش، فتباع بـ24 ألف شلن صومالي، ما يعادل 1 دولار أمريكي، وكلا السعرين لا يناسبان القدرة الشرائية العامة للمواطنين في الصومال.
بدوره يوضح محمد عبد الرحمن (مواطن)، أنه يستخدم الكمامات المصنوعة من القماش حتى لا يضطر لشرائها من جديد.
ويستدرك عبدالرحمن في حديثه للأناضول، قائلًا: “لكن الصيدليات وورشات الخياطة يسعون لتحقيق أرباح من هذه الأزمة”.
** غياب الوعي الصحي
ورغم سعي بعض المواطنين للحصول على كمامات صحية للوقاية من الفيروس، قوبلت الإرشادات الصحية لوزارة الصحة، بتجاهل السواد الأعظم من المجتمع الصومالي، بسبب قلة الوعي أو ارتفاع سعر وسائل الوقاية وعدم توفرها في البلاد.
وبهذا الصدد، يعتبر عبد الله يوسف، عضو اللجنة الحكومية لمواجهة كورونا، ان “عدم الانصياع للتعليمات الصحية لدى عامة الناس جاء نتيجة قلة الوعي الصحي لدى مواطنينا، وهو ما ساهم في ارتفاع عدد الإصابات في البلاد”.
ويضيف “يوسف” في حديثه للأناضول، أن “الحكومة الصومالية لن توفر جهدا لتوعية المواطنين من خطر جائحة كورونا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي”.
ويتابع: “مجموعة من اللجان تنتقل بين أحياء العاصمة بغرض تعزيز الوعي الصحي لدى المواطنين”.
“إلا أن تلك الجهود لم تؤت أكلها لطالما لم يلتزم المواطنين بالإرشادات الصحية رغم بدء توزيع الحكومة الكمامات على المواطنين مجانا”، بحسب المسؤول الحكومي.
وحتى الإثنين، بلغ إجمالي الإصابات بكورونا في الصومال، ألفا و455 ؛ منها 57 وفاة و163 حالة تعافٍ.