كفاكم لوماً لشعوبنا!

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : د. سامر أبو رمان

ما إن تنتفض الشعوب، لتطالب بحقوقها ومطالبها وحرياتها، حتى نجد أصوات الحكومات الفاسدة، ومن لف لفيفها، تتعالى لتلقي باللوم على هذه الشعوب، وتسلط السيف على رقابها، مذكرة إياها بما جرى لشعوب دول الجوار بعد ثورات الربيع العربي، وضرورة التعلم، وأخذ العبرة والعظة بما حدث لهم من أزمات وقتل وتهجير وغيرها!
لماذا ينبغي على الشعوب فقط أن تتعلم الدروس وتسكت عن الظلم؟ ولماذا لا تشترك الحكومات والأنظمة بتعلم الدروس أيضا؟ مع أن بعض الحكومات والأنظمة التي تحظى بالقوة والسلطة خسرت السيطرة على بعض المناطق وأنفقت الأموال وأزهقت الأرواح، إلا أن الشعب فقط هو من نطالبه بأن يتعظ!!! لماذا هذه الازدواجية في التعامل مع مطالب الشعوب؟ ولماذا هذا الانحياز على حساب الجانب الأضعف! 
أليس الأجدر بالحكومات أن تتخلى عن تعنتها، وأن تقف إلى جانب شعوبها وتدعمها، وأن تنظر إلى مطالبها وحقوقها المشروعة، وتسعى إلى تلبيتها، بمحاربة الفساد، ونهب ثروات البلاد، وصولاً إلى حل وسط يرضى جميع الأطراف، عوضاً عن سحق المتظاهرين، واستعمال كل الوسائل للتخويف وتكميم الأفواه؟
وفي بعض استطلاعات الرأي التي تناولت الصراع، كان من ضمن الأسئلة المطروحة تحديد الجهة التي يلومها المسؤول في الأزمة أو الحرب، ويكون الطرف الأضعف المظلوم من ضمن الخيارات المطروحة للإجابة، ورغم أن الحيادية تقتضي ذكر جميع الأطراف، إلا أنني أجد نفسي مستفزاً لجعل الطرف المظلوم من ضمنها!!
وقد لا تحمل نتائج بعض استطلاعات الرأي إدانة مباشرة للشعوب بعد الثورات العربية، إلا أنها تدل عليها ضمنياً، ففي استطلاع المؤشر العربي عام 2015 الذي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، اعتبر 59% من المواطنين العرب الثورات العربية سلبية في مقابل 34% يرونها إيجابية، وبتراجع في التقييم الإيجابي للثورات العربية من 61% في العامين 2012-2013، كما تبدت نفس النتيجة بشكل مقارب في استطلاع «عقد من الآمال والمخاوف» الذي أجرته «أصداء بيرسون-مارستيلر» في 18 دولة عربية خلال هذا العام، فقد رأى ما يزيد على نصف الشباب أن هذه الثورات التي أشعلوها قبل ثماني سنوات قد أثرت سلبًا في المنطقة برمتها!
إن الاستمرار في هذا النهج في توجيه اللوم لكل طالب حقٍ أو صاحب مظلمة، سوف ينتهي بنا إلى إطالة عمر الظلم والقهر، وصولاً إلى إدانة ديننا الحنيف نفسه دون أن نشعر؛ الذي ألزمنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل سلك سبيل الجهاد لإخراج العباد من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العالمين، مقدما في سبيل ذلك أعظم التضحيات، فهل نلوم الصحابة رضوان الله عليهم على جهادهم؛ بسبب استشهاد الكثيرين منهم؟! إن تغيير الواقع ليس منحة قدرية تأتي دون تكلفة، مصداقا لقوله تعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».

اكتب تعليقك على المقال :