عاش عمره الدعوي الطويل يعمل في الداخل تربية وتنظيما وادارة، او بمعنى ادق قيادةً، فقد تعرف على جماعة الاخوان المسلمين تلميذا في المدرسة، واستمر معها حتى وفاته رحمه الله دون انقطاع او توقف.
وكانت البداية في الاردن بعد الهجرة من عين كارم في قضاء القدس، ولم يكن يتجاوز العشرسنين، وقد سمعت منه مرات أحاديث عن مرحلة الخمسينيات، ثم اغترب واقام في الكويت كما الكثيرين من ابناء جيله وابناء النكبة حتى 1991 م، وقد أسهم في تأسيس العمل لفلسطين هناك، فضلًا عن جهوده الكبيرة المبرورة في التربية والتنظيم.
لا يفارقه –رحمه الله– سمته التربوي في مختلف مواقع العمل الكثيرة التي شغلها، ومن السهل ان تشاهد روحه الوالدية في تعامله مع الشباب ودون تكلف او اصطناع، وكثيرًا ما يردد توجيهًا نافعًا امامهم وهو ينظر في بعض اعمالهم: “لا يكفي ان تعمل العمل الصحيح، بل يجب ان تعمله بطريقة صحيحة”.
وشاهدته وقد تزاملنا في أمانة السر العامة للجماعة ومواقع مختلفة في المركز العام، وهو الأكبر سنًا، والأسبق في ميدان الدعوة بسنين طويلة من رئيسه يقوم بعمله بكل تجرد ونشاط وكفاءة لا يلتفت الى تلك الفروق، بل يتعامل بكل تواضع واحترام وكريم النفس، ولا يألو جهدًا في خدمة إخوانه، وتقديم يد المساعدة لهم ما استطاع، وهذا ما يجعله يكبر في العين كما يُقال، ويُشعرك انك امام ذات محترمة تستحق كل التقدير والاجلال، وخاصة عندما تراه يخضع للحق مستقلًا في رأيه، ويدافع عنه بقوة وثقة.
عمل الأخ ابو هيثم يحيى شقرة رحمه الله واسكنه في عليين فترة ليست قصيرة في محطة التلفزيون الكويتي، وأسهم من خلال فرق كويتية في تأسيس محطات اخرى في بعض دول الخليج كما روى لي، وقد ولد ذلك لديه اهتماما بالشأن الاعلامي، حيث كان كثير الاهتمام بالأرشفة، وبتأسيس المكتب الاعلامي الاول في الجماعة، كما لم يكن يترك القراءة ومتابعة الصحف اليومية والمشاركة في ندوات او محاضرات أو دروس داخل التنظيم حتى حال دون ذلك المرض.
ومن الذكريات أننا في أواسط التسعينيات ذهبنا مرة في المكتب التنفيذي للمشاركة في احدى المناسبات في منطقة عجلون، وأصر ابو هيثم رحمه الله على أن يقود السيارة، وكان أكبرنا سناً تقريبًا، وبالطبع هذه منطقة جبلية ليست كالكويت ولا عمان، وربما كانت المرة الأولى التي يدخلها سائقًا، وكم حمدنا الله سبحانه على السلامة عند الوصول الى هناك وعند العودة، وكان رأي أبي هيثم انه درس مهم جدا في السواقة.
رحم الله أبا هيثم، وتقبله في الصالحين، وأجزل العوض لأهله ومحبيه.