في ذكرى المولد النبوي الشريف يتحسر المسلمون على ماض تليد، وعلى امبراطورية حكمت نصف العالم، وعلى حضارة ملأت الدنيا علما وبناء.
يتحسرون على قامات وقادة عظام، وعلى علماء أفذاذ في شتى مجالات العمل، وعلى مخترعات واكتشافات أذهلت العالم.
يتحسرون على قوة تآكلت، وعلى كرامة فقدت، وعلى عزة ذبلت، وعلى وحدة تمزقت، وعلى انتصارات لم يعد لها وجود.
وإن كل هذا لعمري مجرد آثار جانبية لما جاء به الهادي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد جاء بالهداية للناس، جاء لينقذهم من النار ويهديهم طريق الجنة، جاء ليدلهم على الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، جاء ليشهدوا شهادة الوحدانية: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، جاء هدى ورحمة للعالمين كافة، جاء ليحرر الناس من عبادة أي شيء إلا عبادة الله.
جاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنور، ومهمة المسلمين ووظيفته الأساسية هي حمل هذا النور والهدى للعالمين حتى يسعد العالم ولا يبقى عبد تحت رحمة عبد.
ولكن أين موقع كل ما يتحسر عليه المسلمون اليوم؟ الجواب في قوله تعالى: “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا”.