في الذكرى الثانية والسبعين للنكبة 2|2

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : جميل أبو بكر

أما موضوع التطبيع والتهافت عليه:
فإن هذا المحيط العميق الذي اسس الامة وكونها وشكل تاريخها ووجدانها عبر القرون سيحول هذا التهافت الى زبد يذهب جفاء. ثم ماذا حقق الذين وقعوا اتفاقيات وطبعوا مع هذا العدو، وقدموا التنازلات الكبيرة ,في ظل اختلال حاد في موازين القوى ؟ كل الدلائل المعتبرة والابحاث الرصينة ,تؤكد ان التطبيع كان وسيبقى عملية سطحية,رغم جهود النفخ الاعلامي,الذي لايعبرعن حقيقة, بقدر استهدافه المعنويات وتحقيق اختراقات نفسية.  ويبدو جليا ان هذا يحدث في اتجاه غير منسجم مع سيرورة التاريخ, لذا لا يتوقع له الاستمرار طويلا او البقاء.

وهل توقف هذا العدو عند حد معين بعد كل هذا التهافت ام يحاول ان يرسخ تفوقه ,وصياغة مصالح ابناء المنطقة ودولها بما يخدم رؤاه ومصالحه؟ هو الذي يحاول ان يفرض اولويات الصراع ,والعلاقات؟

* الشعب الفلسطيني فرضت عليه المعركة ولم يكن امامه سوى خيار المقاومة ,ولكن الآخرين هم اختاروا من خلال عدة خيارات في مواجهة بعض التهديدات ,ويريدون ان يجعلوا ذلك هو البوصلة والوجهة ,بل يصل اللامنطق واللامعقول ان يطالب الشعب الفلسطيني بالتخلي عن اولوياته ,وان لا تكون فلسطين قضيته الاولى والمركزية, فضلا عن ابناء الامة الآخرين.

** والربيع العربي: لم يسقط فلسطين من حساباته,لكن الشعوب التي تنازلت عن حقوقها في الحرية والكرامة والديمقراطية والشورى ,من اجل التحرير ,ثارت عندما استفحل الفساد والاستبداد ولم تتحرر فلسطين ,بل كانت هزائم وضياع مزيد من الارض.فارادت هذه الشعوب ان تعيد صياغةالشرعية السياسية للانظمة والحكومات على اصولها الصحيحة وهي حق الشعوب بالاختيار الحر النزيه لحكوماتها ومحاسبتها او عزلها ,حسب قواعد الديمقراطية والشورى , بحسب اراء مفكرين معتبرين من ابناء هذه الامة .وهذا ما تم محاربته من جهة كل القوى الرافضة لحرية الشعوب والمرتجفة من تمكنها من التحكم في مصيرها وفي مقدمتها الكيان الصهيوني لأنه يوقن ان هذا التغيير هو لصالح فلسطين وضد الاغتصاب والعدوان .ولا زال هذا الكيان يدعم كل القوى المضادة لحركات الشعوب وحقوقها ,وهو واقع لا تخطئه العين .كما ان الربيع لم يتوقف ,بل هو يتجدد في موجات متتالية  , وسوف ياتي ربيع…. ان تقضى ربيع ,حسب ابو القاسم الشابي رحمه الله.

**واما ما يقال في تفوق العدو وضعف العرب: فإن المواقف المتعلقة بالمعتقدات والمقدسات والحقوق الثابتة والهوية ,لا تخضع لموازين القوى ,و لا تقبل المساومة ,هذا في الاساس والمبدأ.ومن زاوية اخرى فإن هذا العدو يعاني من تراجع في قوته ,وفشل في اكثر من معركة ومواجهة,وهزم احيانا كما حصل في معارك العبور في رمضان على الجبهة المصرية ,وفي لبنان وفي غزة .وهو يسعى لحماية نفسه وعزل كيانه ماديا بجدار الفصل العنصري الذي اقامه في الاراضي المحتلة عام 67م,بعد شعاره”ارضك يااسرائيل من الفرات الى النيل”,وهناك رفض للاحتلال ونشاط عالمي في اتساع يدعوا لمقاطعة منتجات ومؤسسات الكيان في الضفة الغربية المحتلة.هناك تراجع في قوة حلفائه الاساسيين – امريكا – ونفوذهم العالمي.

ولم ينفك اعتماده في وجوده على حبل من الناس, رغم المكابرة ومحاولة التمثل بدولة عظمى .كما ان  هذا الواقع يؤرقه .ففي عام 1976م ,سأل الصحفي البريطاني تشيرشل(وهو حفيد ونستون تشيرشل رئيس وزراء بريطانيا الشهير) موسى ديان احد مؤسسي الكيان الصهيوني ووزير دفاعه القدير ان دولة بيت المقدس الصليبية والمدعومة من الغرب قد سقطت بعد ما اكثر من مئتي عام ,و”اسرائيل” اليوم رغم انتصارها في عام 67م ,لا زالت تعتمد على الدعم الغربي؟ فرد ديان نحن نحاول ان نستقل ونعتمد على قوتنا الذاتية. ولكن وبعد اكثر من مئة عام من الوعد ,واثنين وسبعين عاما من تاسيس الكيان ,لم تستقل “اسرائيل”ا وتعتمد على قواها الذاتية بل تعيش  في حالة طواريء وترقب دائم , الذي يعني ان شبح مصير مملكة بيت المقدس الصليبية سيبقى ماثلا. وكاي كيان بدت تظهر لدى الاجيال الشابة فيه رغبة اكبر في رغد العيش والترف,وغير ذلك من امراض. واذا كان تعداد الشعب الفلسطيني بحدود مليون ونصف عام 1948م,فانه اليوم في فلسطين التاريخية يبلغ ستة ملايين ومثلهم في الشتات ,يتوارثون القضية ويجاهدون ويبدعون ,ولم ولن يكونوا هنودا حمرا.

# واخيرا: فإن توحيد قوى الشعب الفلسطيني ضرورة وطنيه ونضالية كبرى,وهو امر لايمكن تجاوزه,وعلى اساس ثوابت القضية وحقوق الشعب الفلسطيني .وهذا يقتضي تقديم تنازلات من كل طرف لشقيقه الاخر .ومهما كانت هذه التنازلات فهي اقل مما يتم تقديمه للمحتل ,عنوة او لحسابات اخرى ,والذي هو ايضا على النقيض من مصلحة القضية .مايجري حاليا هو محاولة لتصفية القضية ,واي تسويف او تهرب من هذا المتطلب او الفريضة ,خسارة فادحة للقضية.كما ينبغي ان يستمر الجهاد والنضال بكل الصور الممكنة.

اكتب تعليقك على المقال :