رفض التغريب ونقد الحضارة المادية
وفي مواجهة “التغريب” الذي اخترق عقل الأمة، وغدا له أنصار من بين أبنائها، يقف مشروع الأستاذ البنا ليقول: “إن الحضارة الغربية، بمبادئها المادية، قد انتصرت في هذا الصراع الاجتماعي على الحضارة الإسلامية، بمبادئها القويمة الجامعة للروح والمادة معا في أرض الإسلام نفسه، وفي حرب ضروس ميدانها نفوس المسلمين وأرواحهم وعقائدهم وعقولهم، كما انتصرت في الميدان السياسي والعسكري… وكما كان لذلك العدوان العسكري أثره في تنبيه المشاعر القومية، كان لهذا الطغيان الاجتماعي أثره كذلك في انتعاش الفكرة الإسلامية”. كما يقول أيضا: “إن مدنية الغرب، التي زهت بجمالها العلمي حينا من الدهر، وأخضعت العالم كله بنتائج هذا العلم لدوله وأممه، تفلس الآن وتنتحر! فهذه أصول السياسة تقوضها الدكتاتوريات، وأصولها الاقتصادية تجتاحها الأزمات، وأصولها الاجتماعية تقضي عليها المبادئ الشاذة والثورتت المندلعة في كل مكان، وقد حار الناس في علاج شأنها، وضلوا السبيل!
ونحن نريد أن نفكرً تفكيرا استقلاليا، يعتمدعلى أساس الإسلام الحنيف، لا على أساس الفكرة التقليدية التي جعلتنا نتقيد بنظريات الغرب واتجاهاته في كل شيء. نريد أن نتميز بمقوماتنا ومشخصات حياتنا كأمة عظيمة مجيدة، تجر وراءها أقدم وأفضل ما عرف التاريخ من دلائل ومظاهر الفخار والمجد”.
ويعلق د.عمارة قائلا: “كان الموقف التجديدي –إزاء الحضارات الأخرى– وسطا… يرفض “الانغلاق والعزلة” ويرفض “التبعية والتقليد” ويتخذ الموقف النقدي، الذي يميز ما بين “المشترك الإنساني العام” وما بين “الخصوصيات العقدية والفلسفية والثقافية”، فهو “التفاعل” الذي ينفتح على الدنيا من موقع الراشد المستقل، الذي لا يفقد هويته ولا يفرط في روحه الحضارية المتميزة عن الآخرين”.