إذا نظر الباحث المنصف إلى ظواهر البعث والإحياء والنهضة والتجديد والإصلاح، والمشروعات الحضارية النهضوية، وحركاتها وتنظيماتها على امتداد أوطان الأمة الإسلامية، وفي خارجها حيث توجد الأقليات الإسلامية، فسيجد أن ظاهرة الصحوة الإسلامية ومشروعها الحضاري، هي أقوى ظواهر هذا العصر الذي نعيش فيه وأعمقها!.
ولا يوجد خلاف على أن الشيخ حسن البنا يمثل الأبوة والريادة بالنسبة لهذه الظاهرة الكبرى، التي تمثل أمل النهضة لدى الإسلاميين. وقد كانت إمامة البنا وريادته لهذا الإحياء الإسلامي المعاصر، يمثل الحلقة المعاصرة في سلسلة حلقات هذا الإحياء الإسلامي الحديث، فقد كان امتدادا متطورا لمرحلة “النشأة” و”التبلور” التي تمثلت في حركة “الجامعة الإسلامية” التي تزعمها رائد الإحياء الإسلامي في العصر الحديث: جمال الدين الأفغاني، وكان الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده المهندس الأول لتجديدها الفكري، كما مثل الشيخ محمد رشيد رضا الامتداد، الذي حمل رسالتها –عبر مجلة (المنار)– إلى العالم الإسلامي على امتداد أربعين عاما، ثم أسلم أمانتها إلى الشيخ حسن البنا، الذي واصل إصدار (المنار) لعدة سنوات، كما أخذ في تفسير القرآن الكريم من حيث انتهى رشيد رضا، الذي سبق وواصل تفسيره من حيث انتهى محمد عبده، والذي حافظ – في البرنامج التثقيفي لجماعته – على تدريس كتب: (رسالة التوحيد) و(الإسلام والنصارنية مع العلم والمدنية) للإمام محمد عبده، و(طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) لعبد الرحمن الكواكبي (1270-1320 هـ / 1854-1902م). وذلك لتأكيد قسمة “التواصل” و”الامتداد”، مع “التطور” الذي انتقلت به الظاهرة الإحيائية والتجديدية –على يديه– إلى “الكيف” الجديد والمعاصر، الذي استجاب ويستجيب لمتغيارت الواقع والتحديات.