بالتأكيد هي ليست غزة ما قبل الطوفان , غزة أصبحت عروس المدائن ودرة تاج الجهاد والنضال والمقاومة ,هي عنوان الصمود والتضحية والبذل والفداء والتحدي , هي أمل المظلومين والبائسين والفقراء والمحرومين والمشردين بفعل الرأسمالية المتوحشة والغرب الحاقد المجرم , غزة صارت قبلة الاحرار والشرفاء والمتطلعين إلى آفاق الحرية والإنسانية والحضارة والتقدم الحقيقي المتحرر من أغلال التبعية والإنقياد لحكومة العالم الخفية التي هيمنت على الدنيا دهرا ولم تجد من يوقفها عند حد.
غزة الذبيحة صارت جامعة الجامعات , وأم المدارس , فيها يتخرج الأطفال ليصبحوا رجالا قبل أوانهم , وتتخرج النساء ليصبحن منارات للصبر والعطاء والبذل , بعيدا عن زخارف الدنيا وبهرجها الكاذب اللعين الذي أوقع بني آدم في الخطايا , تخرجن من معاهد الشرف والكرامة والكبرياء بعيدا عن مواخير الصهيونية وسراديب الانحطاط الخلقي , وبعيدا عن تحكم تجار البغاء والمتاجرين باللحوم الرخيصة وأسواق العبيد والإماء والعري والسخف والنذالة المتلبسة بثوب التحرر الكاذب .
غزة بعد الطوفان ستكون ملهمة الشباب الطامح للعزة , المتشوق للحرية , الراغب في الابداع والتفوق , والذي سيعيد صناعة الامجاد التي اندثرت بعد طول غربة وغياب , الساعي لبناء عالم يمتاز بالتحرر الحقيقي والاستقلال الحقيقي , والانجاز الذي يبني عالما من العدالة والإنسانية والمساواة , تلك الشعارات التي استخدمت على غير وجهها الحقيقي وتم تزويرها من الأنظمة الظالمة الخانعة التابعة لأسياد الغرب المنحرفين والمتكبرين , الذين اعتاشوا على حساب ظلم الشعوب المغلوبة على أمرها .
غزة بعد الطوفان الذي فجر براكين المعرفة والوعي وأزال الغشاوة عن أعين عميا وقلوب غلفا ستكون ملهمة الأحرار في هذا العالم الذي رزح طويلا تحت زيف الدعاية الكاذبة , وانقاد لفئة خسيسة ركبته في غفلة منه , وشرعت لنفسها قوانين تحمي دعاواها الكاذبة , ومظالمها الزائفة , وتحكمت في المال والاعلام ومصادر القوة المادية لترهب من يخرج عن خطتها وتعاقبة بلا رحمة ولا هوادة , جاءت غزة لتكشف هذا الطغيان , ولتطلق رصاصة الثورة عليه , ليبدأ زمن التحرر من ربقة الظلم والاستعباد .
غزة ما بعد الطوفان هي غزة الصبر والنصر والاستشهاد , غزة العزة والكبرياء والتحرر والانعتاق , هي قبلة البشرية لأخذ الدروس والعبر بعد أن ظن الناس أنها لم تعد موجودة.