يعي اللاجئون الفلسطينيون أن “الكابونة الموحدة” التي فرضتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” حلقة من مسلسل طويل لتقليص خدمات الوكالة تمهيدًا لإنهاء وجودها، وبالتالي الانقضاض على قضية اللاجئين.
لكن وعي اللاجئ بما يدور حول قضيته برز في مواجهته قرار إلغاء “الكابونة الصفراء” واستبدالها بـ “الموحدة”، حينما ألقى عدد منهم بأنفسهم تحت شاحناتها التي تنقل المعونات الغذائية إليهم، في صورة أرسلت للعالم إصرار اللاجئ الفلسطيني على التمسك بكل حقوقه، التي هي مسئولية الوكالة الأممية إلى حين عودته لأرضه.
فقد أغلق لاجئون غاضبون أمس الأحد مقرات توزيع المساعدات الغذائية التابعة للأونروا في محافظات قطاع غزة، قبل بدء توزيع المساعدات بالألية الجديدة التي تحولت إلى “سلة موحدة”؛ احتجاجاً على سياسة التقليص في الخدمات وإصرارها على ذلك؛ ما أثار غضبًا وجدلًا واسعًا بين اللاجئين والمؤسسات الحقوقية.
وخاطب المحتجون تحت إطارات شاحنات الوكالة الأممية إياها بأجسادهم حينما ألقوا بأنفسهم، في مشهد ليس تحديًا فقط، وإنما ليؤكدوا أن ما تفعله الوكالة التي من المفترض أنها وُجدت للحفاظ على حقوقهم، هو انقضاض منها عليهم.
تلاعب
ويرى اللاجئون أن نظام السلة الغذائية الموحدة الذي اتبعته “أونروا” في توزيع المساعدات على اللاجئين منذ الشهر الجاري، جاء بدون مراعاة الحالة الاجتماعية لكل منهم، وعلى حساب اللاجئ الفلسطيني، بما يتعارض مع الأهداف التي وجدت الوكالة لأجلها.
وتتهم اللجنة المشتركة للاجئين بغزة “أونروا” بأنها تتلاعب بالأرقام فيما يخص حديثها عن النظام الجديد توزيع المساعدات الغذائية، محذرة من خطورة هذا النظام.
وتتحدث “أونروا” عن أنها تريد أن تعطي لكل اللاجئين هذه السلة، بينما تقدم الخدمات حالياً لمليون و140 ألف لاجئ بغزة، وتحدثت أنها ستزيد العدد وفق النظام الجديد وتعطي مليون و200 ألف.
لكن هذه الأرقام متلاعب بها على أرض الواقع-وفق اللجنة- التي قالت إن هناك 120 ألف موظف سيحرمون من “الكابونة”، إضافة إلى 770 ألف لاجئ من مستفيدي الكابونة الصفراء سابقاً، بالإضافة لوجود 100 ألف لاجئ بحاجة إلى إضافة لبرنامج الكابونات.
وكان من المفترض على الوكالة أن تضيف مواليد وأزواج جدد منذ 14 شهرًا، يصل مجموعهم التراكمي حتى الآن إلى 100 ألف لاجئ، وهو ما سبق أن أعلنت عن نيتها تنفيذه في تلويحها للكابونة الموحدة، ولم يجري بعد الإعلان عنها.
وتشير سجلات وكالة الأونروا إلى أن عدد اللاجئين المسجلين حتى بداية العام المنصرم حوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، يعيش حوالي 28.4% منهم في 58 مخيماً رسمياً تابعاً لها.
وتتوزع المخيمات بواقع 10 في الأردن، و9 في سوريا، و12 في لبنان، و19 في الضفة الغربية، و8 في قطاع غزة.
ويتواجد 794 ألف لاجئ في الضفة الغربية، و1.335 مليون لاجئ في قطاع غزة، ونحو 150 ألفاً من أبناء 1948 مهجرون من أرضهم، والباقي خارج فلسطين.
فقر مضاعف وتصعيد قادم
وترى اللجنة الشعبية للدفاع عن حقوق اللاجئين أن نظام الكابونة الجديد يضاعف الفقر لدى كثير من عائلات اللاجئين، خاصةً في ظل استمرار الحصار وتفشي جائحة كورونا التي ألقت بظلالها القاتمة على جميع اللاجئين، وفق مسئولها في مخيم الشاطئ نشأت أبو عميرة.
وما سيزيد من الاحتجاجات وتأزم الوضع، تمسك الوكالة بنظامها الجديد الذي بدأت بتطبيقه بدءًا من العام الجاري 2021، حيث أعلن قال المستشار الإعلامي للوكالة عدنان أبو حسنة أنها لن تتراجع عن قرار “الكابونة الموحدة”.
وفي مقابل هذا التعنت من الوكالة، تؤكد اللجان الشعبية المسئولة عن اللاجئين أن ما يجري من احتجاجات، خطوة أولى على طريق خطوات أخرى تصعيدية قادمة، والتي بدأ أولها صباح أمس الأحد بإغلاق مراكز التوزيع.
ويأتي هذا التصعيد في ظل استمرار الأزمة المالية للوكالة الدولية التي لوّحت مرارًا بعدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها أو الاستمرار بعملها وبرامجها لخدمة اللاجئين؛ بداعي الأزمة الملوح بها منذ سنوات.
وأعلنت الأونروا منذ بدء العام الجاري أن ميزانيتها البالغة قيمتها 806 مليون دولار شهدت صفر زيادة مقارنة مع العام السابق، وأن العجز لهذا العام ضخم، وزاده سوءاً ترحيل التزامات مالية بقيمة 75 مليون دولار.
وسبق أن نفذ اللاجئون خلال الشهرين الأخيرين من عام2020 احتجاجات بسبب تأخير الوكالة عن دفع رواتب موظفيها، وإعلانها أنها قد تضطر لدفع نصف راتب بسبب الأزمة.
وسيجري خلال الأيام المقبلة الإعلان عن احتجاجات جديدة؛ لمواجهة قرار السلة الغذائية الجديد، ويبقى القادم الفيصل بين قرارات الوكالة الدولية وأصحاب الحق.