عن “كورونا” الذي حشرنا في خيار لا بديل عنه

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : ياسر الزعاترة

الأربعاء الماضي؛ قال الدكتور مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، إن فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، «قد لا ينتهي أبداً»، و»قد ينضم إلى مزيج من الفيروسات التي تقتل الناس في جميع أنحاء العالم كل عام».

وأضاف: «قد يصبح هذا الفيروس مجرد فيروس متوطن آخر في مجتمعاتنا، وقد لا يختفي أبداً. فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV لم يختفِ (..) أنا لا أقارن بين المرضين، ولكني أعتقد أن من المهم أن نكون واقعيين. لا أعتقد أن أي شخص يمكنه التنبؤ بموعد انتهاء أو اختفاء هذا المرض».

مع اللقاح -وفق رايان- «قد تكون لدينا فرصة للتخلص من هذا الفيروس، ولكن يجب أن يكون اللقاح فعالاً للغاية، ويجب أن يكون متاحاً للجميع».

مفاجأة كلام الرجل لا تتمثل في مضمونها الذي ورد كثيراً خلال الشهرين الماضيين على ألسنة كثيرين، بل تتمثل في مجيئها على لسان مسؤول بمنظمة الصحة العالمية التي قدمت قبل ذلك مقاربات ناقدة لخطوات الانفتاح التدريجي التي قامت بها دول بلا حصر؛ حتى من تلك التي سجلت أعداداً فلكية من الإصابات والوفيات، ومعها تعليقات ساخنة ضد ما يُعرف بسياسة «مناعة القطيع».

لم تصل الدول المشارالمعنية، ولا الرجل الذي نقلنا تصريحه من منطلق الاستهتار بحياة البشر، كما ذهب كثيرون، بخاصة حين تبناها «الأرعن الكبير» في أميركا.

قد ينطبق هذا الاتهام على ترمب الذي طالما سجل سياسات عنصرية على كل صعيد، واستهتاراً بحياة الإنسان، وهو ينطبق بالفعل، لأن ما يفعله لا صلة به بالأسباب التي أدت لمواقف مشابهة من الآخرين، بل بمعضلته الانتخابية في ظل تهديد إجراءات «كورونا» لقفزة الاقتصاد التي تم تسجيلها في عهده، وعوّل عليها كي تمنحه ولاية ثانية بسهولة.

قد ينطبق ذلك على جونسون أيضاً، وإن تراجع واتخذ موقفاً مختلفاً، بعد إصابته بالفيروس، لكن من الصعب القول إنه ينطبق على أمثال ميركل في ألمانيا، أو ترودو في كندا، أو على جاسيندا أرديرين في نيوزيلندا، ومثلهم كثير، فضلاً عن دولة مثل السويد.

الحق أن التعايش مع «كورونا» قد أصبح خيار العالم أجمع، إذ لا يمكن الاستمرار في اعتقال البشر في البيوت، وتعطيل حياتهم وتهديد معيشتهم؛ لأن هناك أعداداً من الناس يُصابون ويتعافون، فيما لا تتعدى نسبة الوفيات جراء المرض على المستوى العالمي 7 %، وفي الغالب مع كبار في السن، ممن لديهم أمراض كثيرة أخرى، ويمكن أن يقضي أحدهم بالتهاب رئوي عادي، في الوقت ذاته الذي يمكن أن يتخذ هؤلاء إجراءات أكثر تشدداً لحماية أنفسهم، بخاصة أنهم من فئة المتقاعدين.

وإذا كانت الدول ذات الاقتصادات القوية قد أصيبت بأضرار كبيرة جراء إجراءات المواجهة مع «كورونا»، فإن أضرار الدول الفقيرة والنامية كانت أكبر بكثير، وضربت حياة الغالبية الفقيرة، وإن كانت خسائر الأغنياء والطبقة الوسطى أكبر رقمياً.

لا خيار إذن غير إعادة الحياة لطبيعتها دون انتظار السيطرة الكاملة على المرض، مع اتخاذ ما أمكن من إجراءات لا تعطل منظومة الحياة، ومع استمرار البحث عن الدواء واللقاح، والذي لا يحتاج أحد إلى الحثّ عليه؛ لأن كل الدول الكبرى تتسابق للوصول إليه؛ إن كان بهدف السمعة والنفوذ، أم لأغراض تجارية.

اكتب تعليقك على المقال :