يبتلى الكثير من العاملين بالتفريط في عمل اليوم والليلة، وللتفريط فيها آثار ضارة وعواقب مهلكة سواء على العاملين أو على العمل الإسلامي، وحتى يتخلص منها من ابتلوا بها ويتقيها من عافاهم الله عز وجل منها فإنه لا بد من تقديم تصور يكشف عن أبعادها ومعالمها وذلك على النحو التالي:
1- معايشة الكتاب والسنة ففيهما صورة صادقة لثواب الطائعين، وعقاب العاصين، وماهية هذا الثواب، وذلك العقاب بل فيهما تحريض على ملازمة الطاعة وترك المعصية، من خلال التذكير باطلاع الله – سبحانه – وإحاطة علمه بكل شئ والرجوع إليه والمساءلة بين يديه والجزاء وحسب المسلم أن يقرأ هذه الآيات {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون، أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين}.
2- التحرر من المعاصي والسيئات لا سيما الصغائر فإنها سم قاتل، ونار محرقة وصدق الرسول – صلى الله عليه وسلم – إذ يقول: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلًا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجئ بالعود حتى جمعوا سوادًا فأججوا نارًا وأنضجوا ما قذفوا فيها”.
3 – التوسط في تعاطى المباحات لاسيما المطاعم والمشارب، فإنها أساس كل بلية وصدق الرسول – صلى الله عليه وسلم -:(ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه).
4- إدراك دور المواظبة على عمل اليوم والليلة في النجاح والقدرة على القيام بالأعباء والواجبات، فإن ذلك يحرر النفس من التفريط ويحملها على المواظبة والملازمة.
5- تقدير النعمة وإنها لن تدوم إلا بالطاعات، فإن ذلك يحرك النفوس المستقيمة للمواظبة على عمل اليوم والليلة، وفاء بحق الله وطمعًا في الاستمرار والزيادة.
6- محاولة التوفيق بين المواظبة على عمل اليوم والليلة والقيام بالواجبات الأخرى:(إن لربك عليك حقًا ولنفسك عليك حقًا ولأهلك عليك حقًا، فأعط لكل ذي حق حقه).
7- مجاهدة النفس وأخذها بالحزم والشدة، مع اتهامها بالتقصير ومع ترك التسويف، ومع تمنيتها بأنها إن تعبت اليوم، ستتمتع غدًا بالنعيم المقيم، وتتلذذ بالنظر إلى وجه الله الكريم.
8- تقدير العواقب والآثار المترتبة عل التفريط في عمل اليوم والليلة، فلعل ذلك يحرك القلوب وتنعكس هذه الحركة على الجوارح فتكون المواظبة على عمل اليوم والليلة.
9- ملازمة الجماعة، والعيش في وسط صالح مستقيم، فإن ذلك يذكر بالله ويشحذ الهمم والعزائم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ألا أنبئكم بخياركم ؟، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: خياركم الذي إذا رُؤوا ذُكر الله عز وجل).
10- الاستعانة التامة بالله – عز وجل – فإنه سبحانه يعين من استعان به ولجأ إلى حماه ولاذ بجنابه، لاسيما في ساعات الاضطرار والشدة {وقال ربكم ادعونى استجب لكم}، {أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلًا ما تذكرون}.
11- إدراك أن الدنيا دار عمل وغرس وزراعة، وغدًا سيكون الحصاد، ومعرفة النتائج، ولئن ضاعت الدنيا بغير طاعة، كانت الخسارة التي لا خسارة بعدها:{… إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين}.
{وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم}.
12- مواظبة ذوى الأسوة والقدوة على عمل اليوم والليلة حتى لا يكونوا سببًا في فتنة وضياع غيرهم من الناس، فيحتملون إثم أنفسهم وإثم اقتداء غيرهم بهم:(… ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا).
13- معايشة النبي صلى الله عليه وسلم في سيرته، وكيف كان يصوم النهار حتى يقال إنه لا يفطر، ويقوم الليل حتى يقال إنه لا ينام، ومثل ذلك كان يصنع في باقي الطاعات، مع أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إن هذه المعايشة تحمل كل مفرط في عمل اليوم والليلة على المواظبة، من منطلق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يصنع ذلك، وقد وعده الله المقام المحمود فكيف بمن لا يعرف عاقبته، وهل سيكون في الجنة أم مع أهل النار ؟.
14- دوام النظر في سيرة وأخبار السلف، فإنها مليئة بصور حية مشرقة في المواظبة على عمل اليوم والليلة، تحمل كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد على الاقتداء والتأسي، أو على الأقل المحاكاة والتشبه.
15- تذكر الذنوب والآثام الماضية، فإن ذلك يحمل على المواظبة في عمل اليوم والليلة تداركًا لما فات، وطمعًا في تكفير هذه الذنوب، وتلك الآثام، وخير ما يصدق ذلك موقف السحرة من تهديد فرعون حين خالطت حلاوة الإيمان قلوبهم وردهم عليه:
{قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض، إنما تقضى هذه الحياة الدنيا، إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى}.
16- تذكر أن الموت يأتي بغتة، وإذا لم يأت بغتة فسيسبقه المرض ثم يكون الموت، ويكون الندم ولكنه بعد فوات الأوان وضياع الفرصة.