مما لا شك فيه أننا قد بدأنا نشهد تغيراً جذرياً في الوضع الوبائي في الأردن؛ تمثل في الزيادة الكبيرة نسبياً في أعداد الحالات واتساع رقعة انتشار العدوى، ولا توجد مؤشرات واضحة تدل على قرب الحد من انتشار الفيروس؛ فحتى الدول التي شهدت هدنة مؤقته مع الفيروس، تبين أنها كانت مجرد استراحة مُحارب حيث عاد الأخير ليضرب بقوة.
ومن المتوقع أن تزداد الأمور صعوبةً خلال الأسابيع القليلة القادمة ؛حيث سنكون على موعد مع ضيف موسمي شديد الوطأة؛ لكنه سيكون هذه السنة بنكهة مختلفة؛ أقصد هنا الإنفلونزا الموسمية، حيث ان المرضين يشتركان في معظم الأعراض ويصعب التمييز بينهما؛ مما سيتسبب في حدوث إرباك شديد للقطاع الصحي، حيث ان التعامل معهما مختلف، فنحن لا نحجر أو نعزل مريض الإنفلونزا على عكس مريض كورونا، الأمر الذي يزيد من الضغط على المستشفيات والمختبرات؛ ويؤدي إلى نقص كبير في الكوادر الصحية إذا ما اضطررنا إلى عزل أي مخالط أو صاحب عرض بانتظار نتائج الفحوصات المخبرية، ناهيك عن التكلفة الباهظة سواء أكانت بسبب زيادة عدد الفحوصات المخبرية، أو اتخاذ إجراء عزل للمرضى أو التغيب عن العمل.
فالتحدي القادم هو تحدي الكوادر البشرية ؛ فالأرقام المنشورة من خلال تجارب الدول الغربية مقلقة، فنسبة الإصابات بين هذه الفئة حتى في أفضل المراكز الصحية تفوق مثيلاتها لدى العامة بثلاثة أضعاف على الأقل، فالاجراءات الوقائية مهمة جدا وحاسمة في التقليل من احتمالية الاصابة وشدتها ؛ لكنها لا تمنع انتقال المرض للكوادر التي تتعامل مع الفيروس من مسافة الصفر.
الأمر الآخر المقلق أن شركات التأمين المحلية ما زالت ترفض حتى اللحظة شمول هذا المرض في بوليصة التأمين ؛ لأن في ذلك مخاطرة كبيرة وهو أمر يتوجب على صاحب القرار أخذه بعين الاعتبار.
لا أحد يعلم يقيناً حتى هذه اللحظة ما مدى تأثر كلا الفيروسين بالآخر؛ وماذا سيحدث إذا ما التقيا معاً على الضحية نفسها؟ وكيف سيتم التعامل مع المريض عندئذ؟ فوسائل علاج كل منهما -إن توافرت- مختلفة تماماً.
لكن الجانب الإيجابي في هذا الموضوع يكمن في أنّ وسائل الوقاية من كلا الفيروسين متشابهة؛ وتتمثل في الالتزام بارتداء الكمامة والتباعد الجسدي ومراعاة مبادىء الصحة العامة، كما يُنصح بأخذ مطاعيم الإنفلونزا الموسمية خاصة من قبل الفئات الأكثر عرضة والأقل مقاومة للمرض، وعندها نكون قد اصطدنا فيروسين بكمامة واحدة.