عول المشروع الصهيوني في تعامله مع القضية الفلسطينية على عامل الزمن بالنحو الذي قالته غولدمائير يوما: الآباء سيموتون، والأبناء سينسون.
وقد اثبتت القضية الفلسطينية أنها عابرة للأجيال، بل انها باتت أعمق تجذرا في نفوس الاجيال على نحو يفوق ما يظنه الكثير. فورّث الآباء الابناء طهر القضية وقدسيتها وبقيت تحافظ على مركزيتها وصدارتها بالرغم مما مر ويمر على الامة من مشكلات مستعصية وأحداث جسام.
القادم فيما يتعلق بصفقة القرن أهم واصعب مما مضى، والمرحلة تحتاج الى جانب الأقوال والمواقف المعلنة أفعال.
هذه الافعال منها ما يتعلق بتقوية وتمتين الجبهة الداخلية فعلا والتي تضررت كثيرا في السنوات الاخيرة بفعل السياسات الحكومية الجبائية واتساع فجوة الثقة بين الرسمي والشعبي. وهذا يحتاج الى علاجات سريعة وعاجلة اذا ما توفرت الارادة السياسية في ذلك الاتجاه.
والفعل الآخر المطلوب هو كيفية استثمار الموقع الجيوسياسي للاردن، واعادة انتاج علاقاته الخارجية بما يخدم مصالحه ويدفع اخطار الصفقة والمؤامرة عنه بقدر ما هو متاح، والعمل على توسيع هوامش السيادة الوطنية في اتخاذ القرار.
الأردن اليوم وبعد اعلان الصفقة المؤآمرة في عين المعركة، وهي معركة مصيرية بكل تأكيد، وتحتاج لرص الصفوف والتفكير بطريقة مختلفة، وتبتعد فيها عن المماطلة والتسويف في اتخاذ القرار المناسب، لان القرار الصحيح في الوقت الخطأ وبعد انتهاء مفاعيله غير مثمر وغير منتج وهو علامة عجز .
في تقديري اننا اليوم سنلمس الآثار السلبية للتلكؤ والتأجيل للاصلاح على الصعيد الوطني، فوجود مجلس نواب قوي وفاعل ويعكس التمثيل الحقيقي للطيف الوطني السياسي والاجتماعي ويمارس دوره الدستوري رقابيا وتشريعيا الى جانب حكومة وحدة وطنية من درجة رجال الدولة وليس مجرد موظفين، كل هذا يزيد المناعة الوطنية للأردن ويزيد من قدرته على تحمل اعباء المرحلة المقبلة بكل صعوبتها.
اذن نحن امام مرحلة تحاكم بها الافعال الى جانب الأقوال، والمخفي الى جانب المعلن. وقد قطع الحدث بسيف توقيته كل التسويف والتأجيل والمماطلة.