إنْ كانت لهذا الفيلم إيجابية واحدة، فستكون تعريف العالم بابتكار تهريب (نطفة) الأسير إلى رحم زوجته خارج السجن لينجب فلسطينياً يدافع عن قضيته ويكون امتدادا لكفاح والده الأسير. وهذا الابتكار يعد حكراً على الأسرى الفلسطينيين وحدهم بين كل البشر على مرّ التاريخ!!
ويا ليت الفيلم قصد ذلك، لهانت جميع سلبياته، ولكن للأسف اتخذ من هذا النضال الابتكاري – غير المسبوق – ذريعة للتشكيك فيه وفي أهميته بالنسبة لأسر الأسرى، وفي قيمته النضالية لقضية فلسطين!!
قصة الفيلم تدور حول رغبة الأسير (نوار) في أن ينجب طفلاً من زوجته (وردة)، بعد أن أنجب منها ابنته الوحيدة (أميرة) منذ ستة عشر عاماً تقريباً. وهذه الرغبة تتطلب موافقة الزوجة، لأنه سيرسل لها نطفته، كما فعل من قبل وأنجب ابنته أميرة.
توافق الزوجة، وكذلك ابنته أميرة، على تنفيذ رغبته عند زيارته في السجن. وبالفعل يرسل الأسير النطفة، فقام الطبيب بتجهيز الزوجة لتستقبل نطفة زوجها الأسير، وعندما قام الطبيب بتحليل النطفة للتأكد من أنها نطفة الزوج، يفاجأ بأن الزوج عنده عيب خلقي – مولود به – يمنعه من الإنجاب، مما يعني أنه عقيم منذ مولده!! وهنا تظهر عقدة الفيلم، من أين جاءت الفتاة أميرة؟ ومن أي نطفة ولدت، طالما أن والدها عقيم؟!
تتجمع العائلة لتجبر الأم على الاعتراف بالخيانة، والبوح باسم والد أميرة الحقيقي! ويتم حجز الأم في منزل بالعائلة تحت حراسة الجميع خشية هروبها! ويعرف الأسير بهذه الأحداث، ويقابل ابنته أميرة ويطلب منها أن تشك في أي رجل تظن أنه والدها، حتى يقوم عمّها بعمل تحليل له ليكتشفوا من هو والدها الذي فعل ذلك مع أمها!
أول إنسان شكت فيه أميرة كان مدرّسها في المدرسة الذي كان يلازم أمها باستمرار، ولكن التحليل أثبت براءته! واتسعت دائرة الشك لتصل إلى أشقاء الأسير بأنهم خانوه من زوجته! ولكن التحليل أثبت براءتهم أيضاً!
وبدأت الألسنة تتحدث في الموضوع، وانتشر الخبر في مدرسة أميرة، وبدأت الطالبات يتغامزن عليها. فتقرر أميرة الذهاب إلى الطبيب الذي وُلدت على يديه لتسأله! فتصمم الأم على الذهاب معها، وأمام منزل الطبيب تعترف الأم بأن الطبيب (حسن) كان أسيراً مع زوجها، وعندما أُفرج عنه كان يزورها، فضعفت أمامه وأحبته وخانت زوجها الأسير معه، وهو والد أميرة الحقيقي! وكانت الأم تنوي طلب الطلاق من زوجها الأسير كي تتزوج من الطبيب، ولكن الطبيب مات..
هنا تنهار أميرة، وفي لحظة انهيارها يُفتح باب المنزل ويخرج منه الطبيب حسن حياً يرزق!! فتواجهه أميرة بالحقيقة، فينكرها ويثبت أنه قام بعملية التلقيح لأمها من نطفة أبيها الأسير! وعندما تخبره بأن والدها عقيم؛ يقول لها إن صاحب النطفة عمّها؛ لأنه من أحضرها له!! فتقول له إن التحليل أثبت براءة عمها!! فلم يجد الطبيب مفراً من الإفصاح عن الاحتمال الأخير، وهو أن من أخذ النطفة من والدها وسلّمها إلى عمها هو (السجان الصهيوني) وهو صاحب النطفة التي جاءت منها أميرة!!
أمام هذه الحقيقة المؤلمة – التي كانت تشعر بها الأم وتتوقعها – ضغطت على ابنتها لتتبنى روايتها الكاذبة الأولى أمام العائلة، وهي خيانتها لزوجها مع الطبيب! وعادت الأم مع ابنتها وواجهت العائلة بأنها بالفعل خائنة وخانت زوجها مع الطبيب حسن، وقبل أن يفتك بها شقيقها أمام الجميع؛ دافعت عنها ابنتها أميرة، واعترفت أمامهم بأنها إسرائيلية جاءت من نطفة إسرائيلي!!
أمام هذا الواقع المرير؛ تقرر الأم أن تُبعد ابنتها عن فلسطين وتسافر إلى مصر لتعيش هناك؛ لأن الجميع لن يرحمها كونها من نطفة إسرائيلي! وتقابل الزوجة زوجها الأسير في السجن، وتخبره بضرورة سفر ابنتهما إلى مصر، فيوافقها على رأيها حفاظاً على أميرة! ولكن أميرة ترفض هذا الحل، وتصمم على البقاء، وعندما يضغط عليها الجميع من أجل السفر تُوافِق ظاهرياً، وفي يوم السفر تقرر أن تقوم بعمل بطولي وتقتل كل إسرائيلي يقابلها، ويساعدها عمها وحبيبها على ذلك، وأعطاها الحبيب مسدساً مع ورقة بها رابط بالإنترنت. وعندما تتخطى الأسلاك الشائكة لتصل إلى مقر الجنود الصهاينة لتنفذ عمليتها؛ تفتح رابط الإنترنت لتجد فيه صوراً عائلية لرجل إسرائيلي مع ابنته التي تشبه أميرة وكأنها توأمتها، فتعرف أميرة أن هذا الصهيوني هو والدها صاحب النطفة التي جاءت منها! فيسقط المسدس من يدها، وبحركة ساذجة يراها الجنود الصهاينة، فتهرب منهم؛ فيطلقون النار عليها فتموت. ويأتي والدها الصهيوني ليتعرف على جثتها في المشرحة، وينتهي الفيلم برفع لافته فيها صورتها وكلمة واحدة مكتوبة هي (الشهيدة).