سراب التعافي وظلمات الحظر الشامل

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : حازم عياد

العالم يلاحق سراب التعافي هروبًا من مخاطر الحظر الشامل، والانهيار الاقتصادي؛ بالإعلان تارة عن نجاعة التباعد الاجتماعي، وبمناعة القطيع تارة ثانية، وثالثة بإيجاد علاج ولقاح وكبح جماح الوباء.

سرابٌ يغوي الجميع في هذا العالم المنقاد لآراء الخبراء وشركات الادوية، وضغوط رجال المال والاعمال في الآن ذاته.

الأردن لا يعد استثناءً، ولا يعتبر البلد الوحيد الذي أغواه الانفتاح، وتخفيف القيود. كما أنه ليس البلد الوحيد الذي تلاحقه مخاطر تفشي وباء كورنا المستجد، أو الاستثناء من مخاطر موجة جديدة من تفشي الوباء تقوده الى حظر شامل ومرهق؛ ما حذر منه وزير الدولة لشؤون الاعلام امجد العضايلة يوم أمس الاثنين.

الفايروس “كوفيد- 19” يشهد نشاطًا متزايدًا في الاردن، والمنطقة العربية والعالم، والعودة الى الحظر والإغلاق لا تعني الاردن وحده؛  فاليابان شهدت انتكاسة دفعتها الى إغلاق بعض المدن مؤخرًا.

والأهم من ذلك ان ارتفاع نسب الاصابة في دول الاقليم عزز المخاوف، وأربك الخطط الاقتصادية في المملكة؛ إذ تشهد السعودية ومصر والكويت والعراق ارتفاع نسب الاصابة، ليتجاوز عدد المصابين في المملكة العربية السعودية الـ 100 ألف، في حين ارتفع عدد الوفيات اليومية ليقارب الـ 30 حالة؛ أمر لا يعد مختلفًا عما في مصر والكويت وقطر والعراق التي تشهد موجة تفشٍّ جديدة.

رفع الحظر الشامل، وتخفيف إجراءات مكافحة الوباء لا تعني اختفاء الوباء؛ فالوباء نَشِط تتسع دائرة انتشاره، وتتوسع أعداد الاصابات عالميًّا؛ إذ بلغت حتى ساعة كتابة المقال 7,145,176 ملايين حالة، في مقابل 407,389 آلاف وفاة -وفق موقع worldometers- مُشكِّلةً قفزة كبيرة عما كان عليه الحال قبل 10 ايام؛ اذ لم يتجاوز عدد الاصابات 6 ملايين، والوفيات 340 ألفًا.

لكنَّ سرابَ الخروج من الجائحة امتد الى الجهود الصحية؛ فرغم التقدم الحاصل في البحوث الطبية التي تصدرها الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا واليابان، فإن القلق والشك ما زال يساور الباحثين حول امكانية الوصول الى علاج مضاد للوباء، أو لقاح في زمن قياسي.

سرابٌ أمكن رصده في إعلان اليابان وروسيا عن البدء بتجربة دواء مضاد للوباء “أفيغان” في نيسان/ أبريل الماضي، وإعلان الصين البدء بتجربة سريرية على مضاد جديد يوم امس، فضلًا عن إعلان جامعة أكسفورد بَدء الاستعدادات لتجربة لقاح “ZD1222” على البشر، المترافق مع صفقات شراء لشركة “أسترازينيكا” بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الأمريكية لإنتاج 400 مليون جرعة من اللقاح المقترح، إلى جانب 100 مليونٍ أخرى للحكومة البريطانية لتكون جاهزة بحلول أيلول/سبتمبر المقبل، تمثل أكثرها جدلية.

فالإعلان عن صفقات بالمليارات لشراء اللقاح لم يبدد المخاوف من فشل التجارب السريرية للقاح بِيع منه حتى الآن نصف مليار جرعة لبريطانيا وأمريكا قبل أن يُجرَّب على البشر!!
حقيقةٌ تفوق السراب في أثرها بدت كأنها ظلماتٌ بعضُها فوق بعض.

حملة التشكيك طالت التجارب الطبية على القردة قبل ذلك؛ انتكاسةٌ واجهها علاج “رامسفدير” المُنتَج من قبل شركة امريكية؛ فالفشل بات نمطًا متكررًا، والأمل سراب سرعان ما يتبدد على وقع التفشي، والجائحة الاقتصادية المرافقة.

المخاوف من موجة جديدة للتفشي قابلها سراب “مناعة القطيع” تارة، وايجاد لقاح وعلاج تارة اخرى؛ مخاطرُ ستكبح جماح النظرة المتفائلة لنمو اقتصادي بات بعيد المنال؛ فالكثير من الحقائق باتت قادرة على كبح أكثر التوجهات تفاؤلًا! والعالم ما زال على موعد مع موجات من الوباء، تتبعها موجات من الاغلاق والارباك الاقتصادي.

وقائع بتنا نشهد أمثلة يومية عليها، ونجد تطبيقاتها في كل لحظة وساعة؛ فيوم أمس اعلنت اليابان إغلاق مدينة هوكايدو مرة اخرى في وقت كشفت فيه الارقام تراجعًا اقتصاديًّا في النمو يقترب من الارقام التي تبعت الحرب العالمية الثانية! إنه سراب ستطول ملاحقته.

اكتب تعليقك على المقال :