كتب الإمام البنا العديد من الرسائل منها: “رسالة التعاليم” و”هل نحن قوم عمليون” و”دعوتنا”.. وغيرها من الرسائل التي نُشرت كثيرًا في أكثر من دارٍ، وعلى المواقع الإلكترونية.
غير أنه اتضح من خلال الإصدارات أن بعض الرسائل لم يسبق أن نشرها أحد؛ بسبب عدم إمكانية الوصول إليها؛ لوجودها في مجلات الإخوان القديمة، ومنها: رسالة الانتخابات والتي سبق نشرها في الموقع، والرسالة التي بين أيدينا وهي رسالة المنهج والتي استطاعت الجماعة أن تنشرها في سلسلة مجموعة من تراث الإمام البنا الكتاب الخامس عشر، غير أن هذه المجموعة لم تصل لعموم الناس ومنها: كتاب (الرسائل) الذي يحوي هذه الرسالة، ولذا وجب على موقع (إخوان أون لاين) أن يسارع بنشر هذه الرسائل؛ لتكون في متناول الجمهور العام، وليتعرف القارئ على بعض الرسائل الهامة، والتي لم يعرف عنها أحد إلا القليل، وهي رسالة المنهج.
ورسالة المنهج وضَّحت نظام الكتائب الذي بدأ في سبتمبر عام 1937م، ولقد طُبعت هذه الرسالة وعُممت على جميع شُعب الإخوان في رجب 1357ﻫ، الموافق سبتمبر 1938م.
ولقد حددت هذه الرسالة المراحل التي مرت بها الجماعة مثل: مرحلة التعريف والتكوين، وموقف الإخوان من الهيئات، مثل: السراي، والأزهر الشريف، والحكومات، والهيئات الإسلامية، والأندية والجماعات الرياضية والعسكرية وشبهها، وموقف الإخوان من الهيئات الهدامة.
ولقد حددت أيضًا المطالب، ومنهج الإخوان الإصلاحي الذي يرتكز على قواعد الإسلام وتعاليمه.
ومهمة الإخوان المسلمين- والتي حددها الإمام البنا- في تكوين أمة إسلامية تعتز بدينها، وتسير وفق ما جاء به كتاب الله وسنة نبيه في النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية والإدارية والاقتصادية وغيرها.
نص رسالة المنهج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
(والله أكبر ولله الحمد)
أولاً: المراحل
طريق الإخوان المسلمين مرسومة محدودة معروفة المراحل والخطوات، ليست متروكة للظروف والمصادفات. ومراحل هذه الطريق ثلاث: التعريف، والتكوين، والتنفيذ، أو الدعوة العامة، ثم الدعوة الخاصة، ثم العمل أو تغيير العرف العام، ثم الإعداد، ثم الإتمام، كل هذه الألفاظ لا تختلف مدلولاتها ووردت في تعاريف الإخوان المسلمين من قبل، وسنتناول كل مرحلة من هذه المراحل بالتفصيل؛ ليعلم الجاهل ويتذكر الناسي.
المرحلة الأولى: التعريف:
ويراد بها نشر الفكرة بين الناس، وإفهامهم إياها بصورة عامة، وتعرف القائمين بها إلى الشعب، وقد يكون من خطة العاملين للفكر والدعوات الابتداء بالتكوين أولاً، ثم بعد ذلك الإعلان، وتلك طريق طبيعية، ولكن دعوة الإخوان نشأت في ظروف خاصة، وأحاطت بها أسباب خاصة جعلتها تبدأ بالتعرف إلى الشعب كله، ثم تسلك بعد ذلك طريق التكوين، ثم التنفيذ. هل نجحنا في هذا الدور؟ وإلى أي مدى كان هذا النجاح؟ وما الوسائل التي اتخذناها؟ وهل تمت هذه المرحلة؟
أما إننا نجحنا في هذا الدور فنعم والحمد لله نجاحًا نحمد الله عليه، ونسأله المزيد منه، وإلى مدى بعيد فقد طفنا القطر من أقصاه إلى أقصاه، ودرسنا حواضره ومدنه وقراه، واتصلنا بأبنائه من كل الطبقات، وامتدت أشعة هذه الدعوة المباركة إلى الأقطار الخارجية شرقية وغربية، وصار لنا دعوة ودار في كل مكان، واسم يتردد على كل لسان، وأصبحت دعوة الإخوان أملاً، بل لعلها الأمل الباقي في نفوس الغيورين على هذا البلد، وصار في مصر شعور إسلامي قوي له أثره في تسيير أمورها العامة، ولو لم يعرف الناس أن هذا الشباب المتواضع المتواري في أربعة جدران هو أساس الانقلاب الروحي الجديد في نفس الشعب المصري.
لم نتخذ في هذه المرحلة من وسائل إلا الدروس والمحاضرات والكتب والنشرات والأسفار والرحلات، ولكنها دروس لا كدروس الناس، ومحاضرات لا كمحاضراتهم، وأسفار غير ما يتصورون، وبأسلوب غير الأسلوب الذي يعرفون، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
ذلك إلى مساهمة الإخوان في شئون الخير العام من عمارة المساجد، والبر بالفقراء، وتقديم المذكرات الإصلاحية، وغير ذلك من الشئون التي تدخل في صميم الخير العام، وتقوى هذه المرحلة من مراحل الدعوة، وبهذا نستطيع أن نقول: إن هذه المرحلة قد تمت وفرغنا من العناية بها، وإن كان لا يفوتنا أن نعمل دائبين على استمرار نشر الدعوة، وتأسيس الشعب، ودور الإخوان، وتقوية أنديتهم ومشروعاتهم في كل مكان ما وجدنا السبيل إلى ذلك إن شاء الله.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة التكوين، أو الدعوة الخاصة:
ويقصد بها استخلاص فريق ممن عرفوا الدعوة واستجابوا لها، يفهمون الفكرة حق الفهم، ويطبقونها على أنفسهم ومن يليهم تمام التطبيق، ويستعدون لحمل أعبائها، والبذل في سبيلها، يمدهم ويؤازرهم بعض الخاصة من كبار الأمة ورجالها البارزين.
إلى أي مدى وصلنا في هذه المرحلة؟ وما الخطوات والوسائل التي يجب أن نتخذها لتتم ونفرغ منها، وننتقل إلى المرحلة الثالثة؟ ومتى نفرغ منها؟
هذه المرحلة هي في الواقع أهم مراحل الدعوة، وعلى قوة العمل فيها أو ضعفه يتوقف نجاحها، وقد بدأنا هذه المرحلة إلى جوار المرحلة السابقة من وقت مضى، وحاولنا في سبيل ذلك محاولات سابقة، وقد وصلنا إلى مدى لا بأس به في قطع خطواتها، ولكن لا تزال هنالك خطوات أساسية لا بد من تحقيقها، ووسائل رئيسية لا بد من استكمالها حتى تنضج هذه المرحلة وتتم، والظروف الحالية أنسب الظروف لاستكمال هذه النواحي، أما هذه الخطوات فهي:
أولاً: تقوية القيادة في المكتب العام بأقصى قدر ممكن بحيث يكون فيه عدد كبير من الإخوان متفرغين تفرغًا تامًا للدعوة، لا يشغلهم عنها شاغل، وعلى رأسهم المرشد، وتقسم عليهم نواحي العمل تقسيمًا منظمًا، ويجب أن يتم ذلك خلال هذا الصيف بحيث يكون مفروغًا منه أول العام الدراسي القادم – إن شاء الله.
ثانيًا: وضع رسالة شاملة تتوحد بها فكرة الإخوان في الشئون العملية والاجتماعية، وفي الأفكار العامة، حتى يصدر الجميع عن رأي واحد، ويجب أن تتم هذه الرسالة وتطبع قبل نهاية شهر يوليو القادم، حتى تكون موضوع دراسة الإخوان في معسكرهم بالإسكندرية، “وتسمى رسالة التعاليم” ثم تدرس في الكتائب.
ثالثًا: تعميم نظام الكتائب في شعب الإخوان، مع ضم الكتائب إلى الفرق، ويجب أن يتم في هذا المصيف تكوين خمس وعشرين كتيبة على الأقل في البلاد القوية، وذلك بأن يسافر إليها مندوبون من الإخوان يكون هذا عملهم.
رابعًا: تعميم الدعاية في بقية مراكز القطر الإدارية، والعمل على وجود كتيبة على الأقل في كل بلد مركزي من هذه البلاد، بحيث يتم عدد هذه الكتائب (300) ثلاثمائة كتيبة في مدى أربع سنوات، أي: إلى رجب من سنة 1360ﻫ على النحو الآتي:
حوالي رجب سنة 1357 الهجرية 25 كتيبة كاملة.
حوالي رجب سنة 1358 الهجرية 75 كتيبة كاملة.
حوالي رجب سنة 1359 الهجرية 100 كتيبة كاملة.
حوالي رجب سنة 1360 الهجرية 100 كتيبة كاملة.
فيكون مجموع الإخوان المنتسبين إلى هذه الكتائب (12000) اثني عشر ألفًا من الإخوان المجهزين تمام التجهيز ماديًّا وروحيًّا.
خامسًا: العمل على ضم بعض الخاصة إلى الإخوان، وتوثيق صلتهم بهم، والنواب الذين ساعدهم الإخوان نواة صالحة لهذه الغاية، ويبدأ العمل في ذلك من الآن.
سادسًا: تقوية مالية المكتب من ذات أعضائه أولاً بفرض اشتراك مالي يسدد للمكتب رأسًا من أعضاء الكتائب أنفسهم، وممن شاء التبرع من الإخوان، أو مجرد الاشتراك المالي كذلك، ويبدأ العمل في ذلك من الآن أيضًا.
سابعًا: بيان الدعوة في وضوح، ومصارحة الناس بها، وتوجيهها إلى كافة هيئات الشعب، على أن تتبع الخطوات القولية بخطوات عملية، وإن أدى ذلك إلى الاصطدام بالأفراد أو الحكومات، مع الاستعداد لاحتمال كل نتائجها بصبر وثبات وتضحية وعزيمة، وذلك على النحو الآتي بالتدرج، حتى إذا لم تنتج خطوة نتبعها الثانية والثالثة وهكذا:
1- تقدم المذكرات والبيانات والعرائض بالمطالب الإصلاحية إلى الجهات المختصة.
2- تدعى الهيئات المنظمة في البلد إلى مشاركة الإخوان في تأييد منهاجهم الإصلاحي.
3- تهاجم كل جهة تقف في سبيل هذه المطالب بمقالات قوية في صحف الإخوان المسلمين، وترسل إليها هذه الصحف، وفي خطابات الإخوان ورحلاتهم وكلماتهم كذلك.
4- تطبع المنشورات وتوزع، ويدعى الشعب بها إلى تأييد الفكرة، والانفضاض عن كل هيئة لا تناصرها.
5- تتكون الوحدات التي تتولى “عمليًّا” إزالة المنكر وإقناع الناس بخطره وفساده، وتقوم على شئون الإصلاح “عمليًّا” كذلك، وينظم كل ذلك لأول العام الدراسي القادم- إن شاء الله.
ثامنًا: يساهم الإخوان خلال هذه المرحلة في أعمال الخير العام ما سنحت لهم الفرص كبناء المساجد والصدقات وأعمال البر وغيرها، ويجتهدون في تثقيف أنفسهم بالمطالعة والمحاضرة والحفظ والتعبد، ويساهمون كذلك في خدمة القضايا الإسلامية العامة كقضية فلسطين وقضية المغرب، وفي القضايا الداخلية الهامة كدخول مجلس النواب، وتشجيع المرشحين للانتخابات كلها إن كانوا من الإخوان، وكمقاومة الحزبية، وإبداء الرأي في كل شأن يهم الأمة، بحيث يكون لهم في كل ناحية من النواحي الحيوية عمل وجهاد ومساهمة ورأي معروف إيجابي، فذلك مما يقويهم ويشغلهم بالنافع من جهة، وهو في الوقت نفسه أداء لواجبات جسام لا مفر منها ولا محيص عنها.
تاسعًا: تقوية صحف الإخوان تقوية تامة، وتنظيم إدارتها وتحريرها تنظيمًا يكفل حسن نظام صدورها، واشتمالها على الغذاء الروحي الذي يثقف الإخوان في البلاد، مع وجوب اشتراك كل أعضاء الكتائب فيها اشتراكًا إجباريًّا، مع العمل على أن يكون للإخوان صحيفة يومية تنطق بلسانهم.
عاشرًا: العمل على نشر الدعوة خارج القطر، وتوثيق الصلة بالهيئات العاملة هناك.
بهذه الوسائل والخطوات تتم المرحلة الثانية من مراحل طريق دعوة الإخوان
المسلمين، ويتهيأ الإقدام على المرحلة “الثالثة”، وهي مرحلة التنفيذ وتحقيق
المنهاج الكامل ﴿… وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ
اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)﴾ (الروم).
ثانيًا: موقف الإخوان من الهيئات المختلفة في مصر
على الأخ المسلم أن يحدد موقفه وصلته بالهيئات المختلفة في مصر ليكون تعامله معها ونظره إليها خاضعًا لهذا التحديد، حتى لا يعادي من يستحق الموالاة، أو يحب من يستحق البغض، أو يشجع ناحية تعتبر حربًا على دعوته.
هناك قاعدة عامة تجب مراعاتها، هي أننا أصحاب دعوة نوجهها للناس جميعًا، فمنزلتنا من الناس منزلة الداعية من المدعويين، ومنزلة الناس منا منزلة المدعويين من الداعي، ذلك يشملهم جميعًا أفرادًا وجماعات وهيئات، ونحن نعتقد أن الجهر بهذه الدعوة وتوجيهها للناس فريضة علينا، وأن حمايتها والذود عنها فريضة كذلك، فالبدهي أن موقفنا العام من كل الناس هيئات وأفرادًا أن نوالي ونحب من والاها وأحبها وساعدها، وأن نكره ونعادي من ناوأها ووقف في طريقها، وإن كانت ظروفنا في الماضي كدعوة ناشئة تدعونا إلى المجاملة والمداراة، فإن ظروفنا الآن وقد أعز الله الدعوة توجب علينا أن نعامل الناس في صراحة ووضوح في حدود الحديث الشريف: “أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما” (أخرجه الترمذي)، وصلى الله على سيدنا محمد القائل: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون”.
أولاً: “السراى”:
جلالة الملك هو حاكم البلاد الشرعي، وهو- والحمد لله- ومن جميل توفيقه يؤدي الفرائض، ويعمل على ما فيه إعزاز الإسلام والمسلمين، فموقف الإخوان من السراى موقف الولاء والحب، ومكتب الإرشاد العام يصدر عن هذه الفكرة، ويعمل على توثيق الرابطة، وإفهام رجال السراى هذه الحقيقة، ولا يمنع ذلك من توجيه النصيحة الواجبة، وإعلان كلمة الحق إذ لاحظ المكتب ما يدعو إلى ذلك، فالدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.
ثانيًا: “الأزهر الشريف”:
الأزهر هو أمل المسلمين الباقي، وهو مظهر الفكرة الإسلامية، وله من ماضيه وحاضره وآثاره ما يجعله كذلك، فإعزازه إعزاز للإسلام، والنيل منه نيل من الإسلام، فموقف الإخوان المسلمين منه المحافظة التامة على مجده وكرامته، والعمل الدائب على إعزازه وإعلاء شأنه، وتأييده في كل خطة يراد بها خدمة الإسلام والمسلمين، وإن كان في الأزهر رجال لم يفهموا الإخوان بعد، ويرونهم منافسًا لهم، فعلى الإخوان المسلمين أن يوضحوا أنفسهم لهذا الصنف، وأن يقنعوا علماء الأزهر جميعًا بأن نجاح الإخوان نجاح للأزهر ذاته، وأن الحلف بين الهيئتين طبعي بحكم وحدة الغاية، وأنهم يرون في علماء الأزهر أوعية العلم الإسلامي، ومادة الإصلاح الإسلامي، ولا بد من كسب أكبر عدد ممكن من العلماء والطلاب بأي ثمن، ولا بد كذلك من كسب “هيئة الوعظ والإرشاد”، وحضرات أئمة المساجد، والتعاون معهم.
ثالثًا: “الحكومات”:
لا يؤيد الإخوان أية حكومة تقوم على أساس الحزبية، وهم يعتقدون أن كل حكومة تقوم على غير الأصول والقواعد الإسلامية لا يرجى منها صلاح، ولا تستحق تأييدًا ولا مناصرة، ولهذا يطالبون دائمًا بالتعديل الذي يحقق نظام الحكم الإسلامي بكل مظاهره.
والإخوان مع هذا يرون من واجبهم التعاون مع الحكومة التي يأنسون منها استعدادًا صادقًا لتأييد مناهجهم والعمل على تحقيقه.
رابعًا: “الهيئات السياسية المختلفة”:
هذه الهيئات ليس لها برامج محددة، وكل القائمين بشأنها والبارزين من أعضائها متأثرون بأفكار غير إسلامية في سياستهم العامة، حتى المستقيمين منهم في شئونهم الخاصة، وهم إلى جانب ذلك متخاصمون متنافرون، فالإخوان المسلمون لا يعترفون بهذه الهيئات كلها كقيادات صالحة للأمة، ويرون أن عليهم أن يصرفوا الناس عن اتباعها، ويبينوا للرأي العام الخطر في وجودها، ويوجهوا دعوتهم إلى زعمائها وأنصارها، فمن أجاب منهم فهو منا وعليه أن يتجرد من حزبيته تجردًا تامًا، ويعمل في معسكر الإخوان بكل جهده، ومن أبى تركناه في حزبيته حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين، والإخوان المسلمون يرون هذا حكمًا شاملاً لكل هذه الهيئات صغيرها وكبيرها لا يستثنون منها واحدة، ولذلك يدأب الإخوان على المطالبة بحل هذه الأحزاب رسميًّا.
وعلى الإخوان ألا يفاضلوا بين قوم وقوم، وألا ينحازوا إلى جهة، فالوصف في الجميع سواء، والنتيجة واحدة.
خامسًا: “الهيئات الإسلامية”:
يتمنى الإخوان المسلمون لهذه الهيئات كل نجاح وتوفيق في مهمتها، ويشعرون أن الرابطة بينهم وبينها رابطة طبيعية بحكم وحدة الغاية والمنهاج، ويودون من صميم قلوبهم أن لو توحد المعسكر، واجتمعت الكتيبة، وسوى الصف، وتقدم المجاهدون، والإخوان مع هذا يأخذون على كثير من هذه الهيئات تكاسلها وضعفها وقعودها عن الواجب في كثير من الأحيان، حتى إن كثيرًا منها يكاد يكون اسمًا لا مسمى له، ولا عمل يرجى منه، فحبذا لو أخلت مثل هذه الهيئات الطريق للعاملين، وانصرف أشخاصها إلى طريق أخرى تكون أقرب من هذه إلى ما يريدون.
ويعمل الإخوان جاهدين لتقريب وجهات النظر بين الهيئات الإسلامية، وتعريف بعضها ببعض تمهيدًا لإنشاء اتحاد عام لها، ثم لاندماجها اندماجًا تامًّا في سبيل تحقيق منهاج موحد هو “تعاليم الإسلام الفاضلة وأحكامه القويمة”. وهذه الهيئات أنواع:
أ- الهيئات القائمة بمشروعات الخير مثل: الجمعية الخيرية الإسلامية، وجمعية المواساة، وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وجمعيات البر والإحسان ودفن موتى الفقراء من المسلمين، وتلحق بها جمعيات الخدمة العامة إلخ، هذه الجمعيات تحقق جانبًا من الخير الذي يعمل له الإخوان المسلمون، فهم يساعدونها ما وسعتهم المساعدة ماديًّا وأدبيًّا، محتسبين ما ينفقون من وقت ومال في سبيل الله، وهم كذلك يقدمون إليها النصيحة إذا خرجت في بعض أعمالها عن حدود الإسلام وتعاليمه، ويمتنعون عن مساعدتها إذا لم تقبل هذا النصح، فتعمل في سيرها على منهاج التعاليم الإسلامية.
ب- الهيئات التي تعمل “للدعوة الإسلامية” بوسيلة “التربية”، وهي الطرق الصوفية، وهذه تفيد في نواحٍ كثيرة من نواحي تكوين الأمة، وتتفاوت في الفائدة طبعًا، وهي تلمس ناحية في الصميم من روحانية الناس، وموقف الإخوان منها الرغبة التامة في التعاون معها على تحقيق الفكرة العامة، مع تحذير الناس من الدخلاء في الطريق الذين كل همهم الانتفاع المادي والأدبي، وحشو أدمغة الناس بالخرافات، ومع الإنكار على النواحي المخالفة للشرع إنكارًا رفيقًا رحيمًا يوجه إلى الرؤساء حتى يعدلوا عن المختلف فيه إلى المجمع عليه، فذلك هو شأن أهل الطريق الصادقين.
ج- الهيئات التي تعمل للدعوة الإسلامية بوسيلة التعليم والإرشاد، كهيئة أهل السنة وأنصار السنة، وهذه هيئات تفيد هي الأخرى فائدة كبرى، وتلمس ناحية في الصميم من العقائد والأعمال عند الناس، فموقف الإخوان المسلمين منها الرغبة التامة في التعاون معها أيضًا، والعمل على ذلك ما استطاعوا إليه سبيلاً، والعقبة في طريق هذا التعاون اعتقاد بعض رجال هذه الهيئات أن الإخوان متسامحون فيما يجب أن يكون عليه الداعية المسلم، فعلى الإخوان أن يقنعوهم بوجهة نظرهم في الخلافيات في رفق وهوادة، ويفهموهم أن العاملين إن فرقت بينهم بعض النظرات الخاصة فإنما تجمعهم الغاية العامة.
د- الهيئات التي تعمل للدعوة الإسلامية عن طريق “الوسائل العصرية المظهرية”، وهي الجمعيات الإسلامية، وهذه في الواقع دور شكلية أكثر منها قيادات روحية عملية، وموقفنا منها على كل حال المسالمة والموادة والتعاون، مع العمل على كسب كثير من أفرادها إلى صف الدعوة الخالصة، والاستفادة بكثير من شكلياتها من دور ومجلات في نشر هذه الدعوة.
سادسًا: والأندية والجماعات الرياضية والعسكرية وشبهها:
هذه الهيئات تحقق هي الأخرى جزءًا من برنامج الإخوان المسلمين، فهم يرحبون بها، ولا بأس عندهم بأن يتعاونوا معها، فينضم أفراد الإخوان إلى هذه الجماعات، وتستفيد الجماعة الإخوانية من هذه الأندية في التعاليم والنظم والمدربين وما إلى ذلك، ويعمل الإخوان مع هذا على تقويم الناحية الخلقية في هذه الجماعات، ودفعها إلى الأخذ بتعاليم الإسلام، والمحافظة على فرائضه، وأن تسودها روح الفضيلة.
سابعًا: موقف الإخوان من الهيئات الهدامة:
في الناحية العقدية أو الخلقية أو الاجتماعية، كهيئات التبشير بأديان غير الإسلام أو مذاهب تتنافى مع تعاليم الإسلام، أو أخلاق وعادات لا يقرها الإسلام، موقفنا من هذه الهيئات “الخصومة”، فما كان منها غير إسلامي فهي خصومة دائمة، وحرب مستمرة عنيفة، حتى يقضى عليها، وما كان منها إسلامي فإنا نتقدم إليه بالنصح أولاً، والزجر الرقيق بعد ذلك، ثم بالخصومة القائمة، حتى يزول سوء أثرها عن الناس.
ذلك هو موقف الإخوان المسلمين من كل هذه الهيئات، لا لبس فيه ولا غموض، ولا تذبذب ولا تغير.
نحن مع الدعوة أولاً وأخيرًا، وشعارنا في ذلك قول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ (الأعراف: من الآية 89).
ثالثًا: المطالب
منهج الإخوان الإصلاحي يرتكز على قواعد الإسلام وتعاليمه، وهم يريدون سيادة الفكرة الإسلامية وهيمنتها على كل مظهر من مظاهر حياة الأمة، مع الانتفاع بكل جديد لا يتنافى معها.
مهمة الإخوان المسلمين “تكوين الأمة المسلمة” والاضطلاع بعبء تبليغ دعوة الرسول الأعظم من جديد.
والإصلاح الذي ننشده يتناول كل نواحي الحياة في الأمم الإسلامية عامة وفي مصر على الخصوص، على النحو الآتي:
الناحية السياسية:
نريد الحكومة الإسلامية الصالحة، والأمة العزيزة الحرة في الداخل والخارج، وذلك بما يأتي:
1- تعديل الدستور المصري “الذي يستمد الآن أصوله وقواعده من الدستور البلجيكي وغيره من دساتير أوروبا” تعديلاً يحقق نظام الحكومة الإسلامية، ويقضي على الخلاف والحزبية، ويتفق مع تعاليم القرآن الكريم.
2- تعديل المعاهدة المصرية الإنجليزية تعديلاً يحقق سيادة البلاد واستقلالها التام في الداخل والخارج فورًا ولا يمنع من مساعدتنا العملية لأي فرد مظلوم من أحرار الوطن الإسلامي العام في كل وقت، والعمل على تحرير الأمة من كل تعهد خاصّ أو عام لا يتفق مع التعاليم الإسلامية الحنيفة.
3- مساعدة الأمم العربية والإسلامية بكل الوسائل على استكمال استقلالها وحريتها تمهيدًا لعودة “الخلافة”، وتقوية الروابط معها في كل ناحية من نواحي الحياة.
4- المشاركة في حفظ السلام العام بنشر الدعوة الإسلامية في كل جهات العالم، وإبلاغها للأمم جميعًا في كل مكان.
5- تقوية الجيش في كل وحداته وأسلحته الجوية والبرية والبحرية، مع إنشاء المصانع والمدارس اللازمة لذلك، وتقصير مدة الخدمة العسكرية وجعلها إجبارية لا يعفى منها أحد إلا بشروط مشددة، ولظروف مشددة، وإلغاء البدل النقدي جملة.
6- دوام تذكير الشعب بعظمته ومجده وسيادته وتوجيهه إلى الأهداف الوطنية العليا بكل الوسائل.
وفي الناحية الإدارية:
نريد الإدارة الصالحة المنتجة التي تؤدَّى بها الواجبات، وتنهض بها المشروعات، وتصان بها الكرامات، وتنتصر فيها الفضيلة والأخلاق، وتتركز الأعمال، وذلك بما يأتي:
1- تأليف مجلس أعلى لكل وزارة من الوزارات من الفنيين لوضع المشروعات العامة والإشراف على إنفاذها.
2- تحديد اختصاصات المصالح والموظفين تحديدًا دقيقًا، وتوزيع الأعمال بينهم توزيعًا عادلاً، وإلحاق المصالح المتشابهة بإدارة واحدة.
3- تبسيط الإجراءات في كل الإدارات والمصالح، والاستغناء عن كثرة الرؤساء.
4- تقديم المصريين دائمًا، والاعتماد عليهم في الشئون الهامة للدولة.
5- الاعتماد على الكفاءات وحدها في حدود لوائح وقوانين منظمة، والقضاء التام على الرشوة والمحسوبية والاستثناءات من أي نوع كانت.
6- تعيين الموظفين في النواحي التي اختُصُّوا بها، فلا يُعيَّن فنيٌّ في عمل كتابي وبالعكس، حتى تثمر الجهود في نواحيها المختلفة.
7- تعديل مواعيد العمل تعديلاً يتفق مع الحياة الإسلامية البعيدة عن العبث، ويعين على أداء فرائض الله.
8- عدم التفريق بين الناحية الشخصية والإدارية ومؤاخذة الموظف إداريًّا بنقصه الخلقي، وأعماله التي لا تتفق مع آداب الإسلام.
9- التقليل من أُبَّهة الوظائف وامتيازاتها حتى تُقبِل الأمة على الأعمال الحرة، وحتى تكون الوظيفة جِزْيَةً لا مغنمًا، وحتى يشعر الموظفون بأنهم سواء مع الشعب.
وفي الناحية الاجتماعية:
نريد المجتمع الفاضل المسلم الذي يظهر فيه الفرد مسلمًا، والأسرة مسلمة، والأمة متمسكة بتعاليم الإسلام، وذلك بما يأتي:
1- شغل وقت الفراغ بأفضل الوسائل، ومن ذلك بث الروح العسكرية والرياضية، والإشادة بصفات الرجولة في نفوس الشعب بتشكيل الوحدات الرياضية في كل الجهات، وإشراف الحكومة عليها إشرافًا فعليًّا، وصبغ المدارس نفسها بهذه الصبغة.
2- إصلاح القانون بحيث يتفق مع الشريعة الإسلامية في كل فروعه من مدني وجنائي وتجاري وغير ذلك، مع إفهام الأجانب عن الإسلام والجاهلين بتشريعه أن التشريع الإسلامي يتفق مع أحدث التشريعات وأوفاها بمحاربة الجريمة ومناصرة الفضيلة، ورفع مستوى الشعوب، ويلحق بذلك إصلاح السجون، وتهذيب وسائل العقوبات تهذيبًا إسلاميًّا عصريًّا.
3- إصلاح الأسرة، وعلاج مشكلة المرأة بتشجيع الزواج، ونشر التعليم الإسلامي الخلقي بين الفتيات جميعًا، مع تعديل المناهج بحيث تؤدي إلى هذه الغاية، وتحريم التبرج والاختلاط والأعمال الخارجة على الفتيات، وإفهام الأزواج والزوجات معنى الزوجية الصحيحة، وتشجيع النسل وإعالته، وتحريم البغاء العلني والسري.
4- إصلاح القرية بالعناية بصحة الفلاحين ونشر التعليم بينهم، وإيجاد وسائل التسلية لديهم، وتخفيف أعباء الحياة عنهم، ورفع مستوى معيشتهم، والقضاء على مظاهر بؤسهم.
5- القضاء على المنكرات الشائعة في المجتمع المصري بالدعاية والإقناع، ثم بالقانون والتشريع، ومن ذلك:
– الخمور والمخدرات.
– البغاء السري والعلني، وما يتبعه من جرائم تشاكله.
– القمار واليانصيب بأنواعه وبكل ما يتعلق به، ومنه المراهنة على السباق.
– التعطل والتبطل والتسول وكل احتراف غير شريف بكل الصور الحقيقية والتحايلية.
– الإسراف في الكيوف، ومنها: الشاي الأسود، والدخان المعسَّل وغيرها من السموم.
– الرقص الخليع والصالات والكباريهات ونحوها.
6- الاعتراف بالحسبة الشرعية، وتقرير عقوبة لكل من يخالف واجباته الوطنية أو الإسلامية أو الإنسانية.
7- إرشاد الشعب إلى العناية بالآداب العامة بكل الوسائل، مع وضع عقوبات للمخالفين.
8- ملاحظة الروح الإسلامي والقومي في كل المظاهر من: الحفلات والأندية والبيوت والمدارس والمربيات والأسر، وما إليها.
9- مقاومة العادات الضارة وبيان أضرارها بالدعاية والإرشاد، ثم بالقانون والزجر، وإرشاد الناس إلى عادات أخرى تتفق مع الإسلام الحنيف.
10- القضاء على فوضى الأزياء.
11- إصلاح المصايف ونحوها من المجتمعات إصلاحًا إسلاميًّا فاضلاً تتوفر فيه الراحة والحشمة.
12- العناية بالصحة في كل طبقات الأمة.
وفي الناحية الثقافية:
نريد العلم النافع المثمر، والعقل الناضج السليم، والتفكير المنطقي الدقيق، يمد ذلك كله الخلق الفاضل والنفس الزكية الطيبة، وإنما يكون ذلك بما يأتي:
1- وضع سياسة ثابتة للتعليم يكون من شأنها:
– تعميمه بين كل طبقات الأمة.
– توحيد خططه ومناهجه وإصلاحها بحيث تكون مبنية على الناحية العملية الاستقلالية الإسلامية.
– ضم أنواعه المتشابهة بعضها إلى بعض حتى تقرب الثقافات، وتوحد النفقات، ويقضى على الفوارق بين المعاهد المختلفة في الأدوار الواحدة من التعليم.
– التفريق بين مناهج البنين والبنات، والحيلولة بينهما في المعاهد المختلفة في السن الكبيرة.
– تشجيع اللغة العربية والتاريخ القومي والتربية الوطنية في نفوس المتعلمين.
2- محاربة الأمية ونشر الثقافة بين طبقات الأمة، وإلزام الشعب أن يتعلم، وفرض عقوبة للمتخلف، واستخدام الطلبة وموظفي التعليم الأَوَّلِي والشبان من الموظفين في ذلك.
3- اعتبار المساجد والأماكن العامة والمقاهي والمتنزهات ونحوها من وسائل الثقافة العامة، واستخدامها في الأغراض التعليمية كل في ما يناسبه.
4- استخدام الإذاعة استخدامًا ثقافيًّا وتهذيبيًّا وإصلاح شأنها.
5- العناية بالسينما والتمثيل عناية صالحة ومراقبتها مراقبة دقيقة، واستبدال ما يرمي إلى أهداف قومية بكل الأفلام والروايات الخليعة، وتشجيع المؤلفين المسرحيين والسينمائيين على اختيار الموضوعات، وتأليف هيئة خاصة بذلك.
6- العناية بالأغاني والأناشيد، وصبغها بالصبغة الحماسية مع الروحية، وإبعادها عن العاطفة الغرامية التي تنافي الرجولة.
7- الاهتمام بالصحافة وتجديد المكتبة الإسلامية.
8- الاهتمام بحركة التأليف والنشر، ومراقبة المطبوعات، ومصادرة كل الروايات الهازلة الضئيلة المغزى، على أن يستبدل بها روايات وأقاصيص أخرى، مع تهذيب تراثنا القصصي القديم وبعثه من جديد.
9- العناية باللغة العربية في كل الأوساط والتاريخ العربي والتوقيت العربي كذلك.
10- العناية بالفن العربي في كل النواحي الفنية.
منهاجنا الاقتصادي:
نريد الاستغناء بمواردنا، وتوفير الراحة ووسائل العيش لكل الطبقات، وتحقيق المشروعات الضرورية للأمة الناهضة، وتعويد الشعب الاقتصاد بكل شيء، وذلك بما يأتي:
1- تعديل نظام الضرائب والعناية بتطبيق نظام الزكاة وجمعها من القادرين من المسلمين بنسبتها الشرعية، وتحصيل مقدارها كضريبة إيراد من غير المسلمين، وتصرف في النواحي الآتية، وهي النواحي التي تتفق تمامًا مع مصارفها الشرعية.
– الملاجئ وقطع دابر التسول.
– الإعانات والمساعدات للعاطلين.
– الدفاع الوطني وتقوية الجيش.
– الدعاية الإسلامية.
– إمداد المصارف الخاصة بالسلف الصناعية والزراعية والتجارية بما يجعلها في غنى عن نظام الفائدة، وتشجيع الجمعيات التعاونية في القرى والأرياف.
– المحافظة على الثروة العقارية وتسوية مشاكل الديون الأهلية والحكومية.
2- تأسيس الشركات الوطنية وإحلالها محل الشركات الأجنبية، مع تحريم منح الامتيازات لشركات غير وطنية تحريمًا باتًّا.
3- تأسيس المصانع المصرية، وتشجيع منتجاتها، وحمايتها الجمركية.
4- الاهتمام بالتجارة الخارجية والداخلية، وتوثيق علاقتنا التجارية والاقتصادية بالبلاد الشرقية والعربية والإسلامية، والانتفاع بالتبادل الاقتصادي معها.
5- إحياء الأرض البور، والتفكير في تنويع الحاصلات، وعدم الاعتماد على صنف واحد يهدد الثروة المصرية بنزول وهبوط كالقطن.
6- استغلال الموارد الطبيعية في مصر من المناجم بأنواعها، والمنابع والتيارات استغلالاً صناعيًّا بأيدٍ وطنية وشركات وطنية.
7- الاقتصاد في مرتبات الموظفين والمصالح الحكومية.
8- الاقتصاد في الكماليات وتقديم الأهم على المهم دائمًا.
9- تحريم الفائدة، ولا بأس بأن يستبدل نظام الفائدة بنظام التعويض والشروط الجزائية المؤقتة.
10- التأمين الاجتماعي للعامل والموظف والفلاح.
هذه نواحٍ إجمالية لكل ناحية منها تفصيل طويل وبيان واسع، ونعتقد ذلك ممكنًا، ويراه الناس محالاً، ونتمثله حقيقة، ويظنه الناس خيالاً ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ﴾ (الروم: من الآية 60).
رابعًا: كيف تتكون الكتيبة
1- الغرض من تكوين هذه الكتائب تخريج صنف ممتاز من الشباب الإسلامي يقوم بعبء الدعوة، ووسيلة ذلك الدرس والتربية الروحية والرياضية التي تقوم على الطاعة والنظام والاستقامة وتقديس الواجب وتمام الاستعداد.
2- لا يقل عدد الكتيبة عن عشرة أفراد، ولا يزيد على أربعين، ويتسامح في الزيادة إلى عشرة، فإذا كملت تكونت منها كتيبة ثانية، ولكل كتيبة سجل خاص يدون به أسماء أعضائها، والبيانات اللازمة عنهم، وعدد مرات حضورهم وغيابهم، ولكل فرد ملف خاص به.
3- يشترط في كل عضو من أعضاء هذه الكتائب أن يكون قد سبق له اتصال بالإخوان المسلمين، وألا تقل سنه عن ثماني عشرة سنة هجرية، وألا تزيد عن الأربعين وقت انتسابه، وأن يكون معروفًا لدى بقية أعضاء الكتيبة مزكى منهم جميعًا.
4- يتعهد كل أخ من أعضاء الكتيبة بالمحافظة على أداء الأوامر، واجتناب النواهي الشرعية، وبأن يجدد التوبة، ويرد الحقوق والمظالم إلى أهلها لأول عهده بالكتيبة، وبأن يمتنع عن المكيفات كلها، وعن السهر في غير ليلة الاجتماع، وبأن يأخذ نفسه بالجد والوقار دائمًا، مع محاسبة النفس والإقلال من الضحك، وبأن يحرص على الوقت؛ فلا ينفق جزءًا منه في غير فائدة، وبأن يقتصد بعض ماله مهما كان دخله للطوارئ، وبأن يسدد اشتراكه الشهري للمكتب العام، وبأن يتحدث بالعربية الفصحى ويستخدم التاريخ الهجري ما أمكنه ذلك، وبأن يترك حزبيته السياسية ويتخلى عن صلته بأية هيئة من الهيئات متى طلب إليه ذلك، وأن يضع ظروف حياته تحت تصرف الدعوة مضحيًا في سبيلها بكل شيء عند اللزوم، وأن يكون ملمًّا بالقراءة والكتابة أو يتعهد بتعلمهما إن لم يكن ملمًّا بهما، وأن يستحضر الأدوات اللازمة وهي: “بطانية، سجادة صغيرة، وسادة صغيرة، مصحف، سواك، مجموعة رسائل الإخوان، رداء الكشاف ومعه الزمزمية، ولوازم التدريب العسكري كلها.
5- تجتمع كل كتيبة على حدة ليلة كاملة في الأسبوع تقضيها على النحو الآتي: صلاة العشاء، التدريب الرياضي إذا كان هناك صف ليلي، تناول عشاء خفيف معًا، مذاكرة في شئون الكتيبة ودرس التعاليم، أدعية مأثورة من أذكار المساء ومن أدعية الاستعداد للنوم في هدوء وخشوع تام واستحضار قلبي كامل، النوم بضع ساعات، الاستيقاظ قبل الفجر والوضوء والتهجد، تلاوة حزب من القرآن بغير تشويش ومناجاة ودعاء واستغفار إلى الفجر، صلاة الفجر، الاشتغال بأذكار الصباح إلى قبيل الشروق، تدريبات رياضية إذا كان هناك صف نهاري، تناول الفطور معًا، الانصراف، وتؤدى هذه الأعمال وفق جدول منظم يحدد وقت كل عمل حسب ظروف الكتيبة الخاصة مع مراعاة التغييرات الفصلِيَّة صيفًا وشتاء، ويحسن أن يكون هذا الاجتماع خلويًّا ما أمكن.
6- تَدرس هذه الكتائب قانونَ الإخوان المسلمين ورسائلهم، وتحفظ رسالة التعاليم، وتدرب تدريبًا رياضيًّا كاملاً، ويقرأ أعضاؤها وردًا قرآنيًّا خاصًّا في الصباح وفي المساء طول الأسبوع.
7- شعار هذه الكتائب العام ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ (يوسف: من الآية 21)، ويطلق على كل كتيبة اسمًا إسلاميًّا يرمز إلى معنى خاص، ويرتدي أعضاؤها لباس الكشف بعد تسجيلهم والإذن لهم بذلك، ويبايع كل أفراد هذه الكتائب مندوب المكتب بيعة الانتساب، ويؤدون القسم جهرًا أمام إخوانهم ونصه: “أقسم بالله على الطاعة والعمل والكتمان”. وذلك بعد صلاة ركعتين والاستغفار سبعين مرة.
8- يُختار لكل كتيبة بالاقتراع السري وحضور مندوب المكتب “نقيب” يكون رئيسها والمشرف عليها، وعلى أعضائها جميعًا طاعته، وعليه أن يختار من بينهم وكيلاً له، ويقسِّم الباقين إلى عشرات، تختار كل عشرة منها مندوبًا، وهؤلاء المندوبون يساعدون النقيب في مهمته، وعليه أن يشاورهم في شئون الكتيبة، ويأخذ بالصواب من آرائهم في غير إلزام، وعليه أن ينظم مالية الكتيبة بطريق الاكتتاب، أو الاشتراك حسب الظروف.
9- يجدد النقيب وأعضاء الكتيبة بيعتهم “مع المرشد العام” لأول فرصة يلقونه فيها.
10- إذا لم يتم عدد الكتيبة عند بدء تكوينها يظل باب الانتساب إليها مفتوحًا مدة أربعة أسابيع حتى يتم العدد، وبعد تمامه أو نهاية المدة يقفل باب الانتساب، وتبدأ الاجتماعات الرسمية للكتيبة، ويمنح المكتب العام كل أخ حضر أربعين اجتماعًا في الكتيبة، وحفظ رسالة التعاليم، وألم بقانون الإخوان وخطتهم، وشهد له إخوانه بحسن الاستعداد، وشرف المسلك في أثناء هذه المدة “إجازة شرفية” تخوِّله الحق في أن يكون نقيبًا لكتيبة جديدة، وداعية من دعاة الإخوان الرسميين، وليس ذلك حقًّا لازمًا لكنه موكول إلى رأي المكتب الذي يصح له أن يسترد هذه الإجازة إذا لم يحافظ الأخ على حقوقها دون أن يكلف ذكر الأسباب، وعند تسلم الأخ إجازته يبايع “البيعة الثانية”، وينشر اسمه وصورته في سجل الإخوان العاملين، وتثبت له حقوق الأخوة الكاملة.
11- لنقيب الكتيبة أن يتخذ مع أعضائها إجراءات تأديبية منها: التنبيه على انفراد، التأنيب علنًا، العقوبات الروحية المناسبة، الاستغفار والتنفل والصوم… إلخ، العقوبات المالية، الهجر من الإخوان مدة، إلغاء اجتماعاته السابقة كلها أو بعضها، الفصل نهائيًّا من الكتيبة، ويتوقف نفاذ هذه العقوبة على إقرار المكتب العام، وإذا لاحظ بعض الإخوان على النقيب شيئًا لا يليق بكرامة مهمته عليهم أن يرفعوا ذلك إلى المكتب العام للنظر.
12- للأخ الذي يتم مدة الكتيبة أن يستمر معها أو مع غيرها من الكتائب ما شاء من الجلسات، وللإخوان الذين تزيد سنهم عن الحد المقرر أن ينتسبوا إلى الكتيبة استثناءً، ويعفون من ارتداء الزي الخاص، ويصح أن يُختَار منهم النقيب والمندوبون، ولا يدخلون في عدد الكتيبة الرسمي، وتنتهي مدة الكتيبة بمرور عام على تكوينها الرسمي، ويشترط ألا تقل اجتماعاتها عن أربعين، وتكون اجتماعاتها بعد ذلك تطوعًا.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.