تصادف اليوم الأحد، ذكرى الإسراء والمعراج، بما تحويه من معان عظيمة أعجزت القدرة البشرية، عن فهمها واستيعابها، بما تضمنته من عجائب القدرة الإلهية التي جاءت تكريما لشخص الرسول الكريم، مما علق به من الظلم والأذى، ليريه تعالى من آياته وعجائب قدرته.
وجاءت ذكرى الإسراء والمعراج بمضامينها الروحية والمادية، ليس حدثا عابرا، بل صورة حية لاستجلاب التفاؤل باتحاد فيه العالم لمواجهة آفة العصر”فيروس كورنا”.
وتحل ذكرى الاسراء والمعراج حاملة في طياتها تباشير الغد، فيأتي الصبر، من بين ثنايا الخوف والضعف، تماما كما كانت تثبيتا لفؤاد النبي وتخفيفا لمعاناته.
سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، قال إن الإسراء رحلة قدسية كانت على الأرض من مكة المكرمة إلى البيت المقدس، مهد الرسالات من عهد إبراهيم عليه السلام إلى عهد عيسى عليه السلام، والمعراج رحلة قدسية خلال الكون وخارج حدود الزمن، من بيت المقدس إلى حيث سدرة المنتهى، حيث قال تعالى:(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير).
وأضاف سماحته لوكالة الأنباء الأردنية( بترا) إن حادثة الإسراء والمعراج كانت معجزة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بما شكلته من أمر خارق للعادة أجراه الله تعالى على يد نبيه عليه السلام لتصديق بلاغه ودعوته، موضحا أن الاحتفال بيوم الإسراء والمعراج يدلل على المكانة العظيمة الدينية والتاريخية لبيت المقدس، الذي بذل المسلمون أرواحهم ودماءهم في سبيل الله ليدرأوا عن مقدساتهم الأخطار ويحافظوا عليها كجزء من عقيدتهم ودينهم، من أجل هذا بذل الصحابة الكرام الغالي والنفيس.
وبين سماحة مفتي المملكة أن مسيرة الدفاع عن المقدسات الدينية جيلا بعد جيل حتى حمل لواءها آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم الكرام، هم أولى الناس بحماية المقدسات الدينية ورعايتها والوصاية عليها، حاملين على عاتقهم مهمة الحفاظ على المسجد الأقصى ورعايته وصيانته، وباذلين أرواحهم ودماءهم وأموالهم في سبيل الله دفاعا عن القدس الشريف، وعن مسجدها المبارك، مهوى القلوب ودرة العيون ومحط الأنظار.
وأشار إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني لم يترك تجمعا عالميا أو مؤتمرا دوليا أو إنسانيا إلا ونادى بالحق المقدس المغتصب لفلسطين وأهلها، والوقوف بوجه من يحاول النيل من هويتها الثقافية والتاريخية ليبقى المسجد الأقصى وقفا على المسلمين.
ولفت إلى أن الهاشميين يتوارثون هذه المهمة الشريفة، وتجري أيديهم سخية لخدمة المسجد المبارك، مضيفا: “ونحن نستذكر حادثة الإسراء والمعراج فإننا نجدد بهذه المناسبة روابطنا الوثيقة بأرض الإسراء والمعراج والمسجد الأقصى المبارك والدفاع عن أهل فلسطين وحقهم المقدس”بدوره قال القاضي الدكتور إسماعيل نوح القضاة، من دائرة قاضي القضاة إن المناسبات التي تحييها الأمم والمجتمعات هي التي ترتبط بالقيم الأسمى والقضايا الكبرى التي توليها اهتمامها.
وأضاف إن الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج ظل دائماً موضع اهتمام الهاشميين والأردنيين جميعا، لارتباطها بصاحب الذكرى، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي خلّد الله سبحانه وتعالى معجزته في القرآن الكريم بسورة الإسراء.
ولفت إلى أن الاحتفال بهذه المعجزة “يعد تذكيراً بالحق الإسلامي الثابت في المسجد الأقصى، بل في القدس كلها، والتي تعبر عنها الوصاية الهاشمية على القدس الشريف، ويحملها جلالة الملك عبدالله الثاني، مشيرا إلى أن الاحتفال تذكير بالوعد الإلهي بالنصر، لا سيما وأن الإسراء والمعراج كان فتحاً معنوياً للقدس.
وقال القضاة إن الاحتفال بالإسراء والمعراج يتزامن وذكرى عزيزة على الأردنيين، ذكرى معركة الكرامة، التي عبرت عن الحق الذي ثبت بتلك المعجزة الإلهية، والتي لا يزال حياً في نفوس الأردنيين، يقدرونه ويجلون كل بطولة وتضحية تبذل في سبيله.
وقال عميد كلية الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور عدنان محمود العساف، إن ذكرى الإسراء والمعراج من المناسبات المهمة لكل مسلم ومسلمة، وأن الله خص بني آدم بالكرامة، والنبي صلى الله عليه وسلم بآيات ومعجزات، وميزه بها، وأيده بدين الرحمة والعالمية، فيه تعبد وحضارة، وإنسانية، وفيه إنابة إلى الله، وإخلاص له، وحسن اتباع، مستشهدا بقوله عز وجل: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ).
وأشار إلى أن حادثة الإسراء والمعراج تعزز العقيدة الإسلامية وأركانها المبنية على الإيمان وعلى حقيقة الخلق بأن الله وحده هو الخالق، وأن هذا الخلق عظيم، وهي دليل عظمة البارئ جلت قدرته، وتذكرنا بعلاقة الإنسان بالكون والحياة، وبأهمية دوام التفكر والاعتبار، والإنابة إلى الله، ولزوم عبادته وطاعته.
وأضاف أن الله تعالى أيد نبيه بهذه المعجزة التي نستذكرها لإرجاع عقولنا نحو التفكر بالكون، ومن ثم بواجباتنا نحو الخالق تعالى، لافتا إلى أن الإنسان المسلم عليه أن يأخذ الدليل على وجود الله من عظمة الكون، وأن الإسراء والمعراج تذكرنا بعظمة هذا الكون العظيم.
عميد كلية الشريعة في جامعة اليرموك الدكتور أسامة الفقير، قال : نستذكر في هذه الأيام حادثة الإسراء والمعراج والتي تتناغم مع يوم الكرامة ويوم الأم وما نعيشه في ظل هذه الظروف الصعبة وانتشار الوباء العالمي “فيروس كورونا”.
وأضاف إننا نستلهم الدروس والعبر من تاريخنا الإسلامي العريق، موضحا أن حادثة الإسراء والمعراج مثال على الفرج بعد الضيق، واليسر بعد العسر، ونلتمس هذه الطريق بأن حياة الانسان المسلم قد تعتريها الصعوبات ولكنها تحتاج إلى الصبر، وأن الظروف تعلمنا كيف نصبر وكيف نتعامل مع مثل هذه الأحوال، ما يظهر حاجتنا لاستذكار سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الذي طارده الناس وحاربوه ومنعوا دعوته وشككوا به واتهموه بالسحر ومع ذلك كان صابرا محتسبا.
ولفت الفقير، إلى أن ذكرى الإسراء والمعراج اليوم، تدعونا لأن نصبر ونحتسب، ونظهر الصلابة والبأس والتكاتف في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد، داعيا الشباب لتحمل مسؤولياتهم والتعاون مع مختلف أجهزة الدولة في هذا الظرف الدقيق والحساس من تاريخ الوطن.